للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفسها آيات بينات وعدم ارعوائهم عما هم عليه من الكفر والعناد أي قالوا بعد ما رأوا ما رأوا من العصا والسنين ونقص الثمرات مَهْما تَأْتِنا بِهِ كلمة مهما مما اختلف فيها فقيل هي كلمة برأسها موضوعة لزيادة التعميم. وقيل: هي مركبة من مه اسم فعل للكف إما باق على معناه أو مجرد عنه وما الشرطية. وقال الخليل: أصلها ما ما على أن الأولى شرطية والثانية إبهامية متصلة بها لزيادة التعميم فقلبت ألف ما الأولى هاء فرارا من بشاعة التكرار، وأسلم الأقوال كما قال غير واحد القول بالبساطة. وفي حاشية التسهيل لابن هشام ينبغي لمن قال بالبساطة أن يكتب مهما بالياء ولمن قال أصلها ما ما أن يكتبها بالألف، وفي الشرح وكذا إذا قيل أصلها مه ما. وتعقب ذلك الشمني بأن القائلين بالأصلين المذكورين متفقون على أن مهما أصل آخر فما ينبغي في كتب آخرها على القول الأول ينبغي على القول الثاني، وفيه نظر.

وهي اسم شرط لا حرف على الصحيح، ومحلها الرفع هنا على الابتداء وخبرها إما الشرط أو الجزاء أو هما على الخلاف أو النصب على أنها مفعول به لفعل يفسره ما بعد أي أي شيء تحضره لدينا تأتنا به، ومن الناس من جوز مجيئها في محل نصب على الظرفية، وشدد الزمخشري الإنكار عليه في الكشاف، وذكر ابن المنير أنه غر القائل بظرفيتها كلام الخليل أو شبهها بمتى ما، وخالف ابن مالك في ذلك وقال: إنه مسموع عن العرب كقوله:

وإنك مهما تعط بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا

ويوافقه كما قال الشهاب استعمال المنطقيين لها بمعنى كلما وجعلها سور الكلية فإنها تفيد العموم كما صرحوا به وليس من مخترعاتهم كما توهم، وأنت تعلم أن كونها هنا ظرفا مما لا ينبغي الاقدام عليه بوجه لإباء قوله تعالى:

مِنْ آيَةٍ عنه لأنه بيان لمهما وليس بزمان، وتسميتهم إياها آية من باب المجاراة لموسى عليه السلام والاستهزاء بها مع الاشعار بأن هذا العنوان لا يؤثر فيهم وإلا فهم ينكرون كونها آية في نفس الأمر ويزعمون أنها سحر كما ينبىء قولهم لِتَسْحَرَنا بِها والضميران المجروران راجعان إلى مهما، وتذكير الأول لرعاية جانب اللفظ لإبهامه، وتأنيث الثاني للمحافظة على جانب المعنى لأنه إنما رجع إليه بعد ما بين بآية، وادعى ابن هشام أن الأولى عود الضمير الثاني إلى آية، ولعله راعى القرب والذاهب إلى الأول راعى أن آيَةٍ مسوقة للبيان فالأولى رجوع الضمير على المفسر المقصود بالذات وإن كان المآل واحدا أي لتسحر بتلك الآية أعيننا وتشبه علينا فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ أي بمصدقين لك ومؤمنين بنبوتك أصلا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ عقوبة لجرائمهم لا سيما قولهم هذا الطُّوفانَ أي ما طاف بهم وغشى أماكنهم وحروثهم من مطر أو سيل فهو اسم جنس من الطواف، وقيل: إنه في الأصل مصدر كنقصان، وهو اسم لكل شيء حادث يحيط بالجهات ويعم كالماء الكثير والقتل الذريع والموت الجارف، وقد اشتهر في طوفان الماء وجاء تفسيره هنا بذلك في عدة روايات عن ابن عباس، وجاء عن عطاء ومجاهد تفسيره بالموت، وأخرج ذلك ابن جرير وغيره عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا، وعن وهب بن منبه أنه الطاعون بلغة اليمن وعن أبي قلابة أنه الجدري، وهم أول من عذبوا به، وهذان القولان ينجران إلى الخبر المرفوع وَالْجَرادَ هو المعروف واحده جرادة سمي به لجرده ما على الأرض، وهو جند من جنود الله تعالى يسلطه على من يشاء من عباده، وأخرج أبو داود وابن ماجه والطبراني وغيرهم عن أبي زهير النميري مرفوعا النهي عن مقاتلته معللا بما ذكر، وذكر البيهقي أن ذلك إن صح مراد به إذا لم يتعرض لإفساد المزارع فإذا تعرض له جاز دفعه بما يقع به الدفع من القتال والقتل أو أريد به الإشارة إلى تعذر مقاومته بذلك،

وأخرج أبو داود ومن معه عن سلمان قال: «سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الجراد فقال:

أكثر جنود الله تعالى لا آكله ولا أحرمه»

وزعم أنه مخلوق من ذنوب ابن آدم مؤول وَالْقُمَّلَ بضم القاف وتشديد

<<  <  ج: ص:  >  >>