وفصل الغزالي قدس سره فجوز إطلاق الصفة وهو ما دل على معنى زائد على الذات ومنع إطلاق الاسم وهو ما يدل على نفس الذات محتجا بإباحة الصدق واستحبابه والصفة لتضمنها النسبة الخبرية راجعة إليه وهي لا تتوقف إلا على تحقق معناها بخلاف الاسم فإنه لا يتضمن النسبة الخبرية وأنه ليس إلا للأبوين أو من يجري مجراهما. وأجيب بأن ذلك حيث مانع من استعمال اللفظ الدال على تلك النسبة والخطر قائم، وأين التراب من رب الأرباب؟.
واختار جمع من المتأخرين مذهب الجمهور قالوا: فيطلق ما سمع على الوجه الذي سمع ولا يتجاوز ذلك إلا في التعريف والتنكير سواء أوهم كالصبور والشكور والجبار والرحيم أو لم يوهم كالقادر والعالم، والمراد بالسمعي ما ورد به كتاب أو سنة صحيحة أو إجماع لأنه غير خارج عنهما في التحقيق بخلاف الضعيفة والقياس أيضا إن قلنا: إن المسألة من العمليات أما إن قلنا: إنها من العمليات فالسنة الضعيفة كالحسنة الواهية جدا، والقياس كالإجماع، وأطلق بعضهم المنع في القياس وهو الظاهر لاحتمال إيهام أحد المترادفين دون الآخر.
وجعل بعضهم من الثابت بالقياس المترادفات من لغة أو لغات، وليس بذاك، ومن الثابت بالإجماع الصانع والموجود والواجب القديم، قيل: والعلة، وقيل: الصانع والقديم مسموعان كالحنان والمنان، ونص بعض المحققين على أنه يمنع إطلاق غير المضاف إذا كان مرادفا للمضاف المسموع قياسا كما يمنع إطلاق ما ورد على وجه المشاكلة والمجاز، وأنه لا يكفي ورود الفعل والمصدر ونحوهما في صحة إطلاق الوصف فلا يطلق الحارث والزارع والرامي والمستهزئ والمنزل والماكر عليه سبحانه وتعالى وإن جاءت آيات تشعر بذلك.
هذا ومن الناس من قال: إن الألفاظ على الصفات ثلاثة أقسام: الأول ما يدل على صفات واجبة وهو أصناف:
منها ما يصح إطلاقه مفردا لا مضافا نحو الموجود والأزلي والقديم وغيرها، ومنها ما يصح إطلاقه مفردا ومضافا إلى ما لا هجنة فيه نحو الملك والمولى والرب والخالق. ومنها ما يصح مضافا غير مفرد نحو يا منشىء الرفات ومقيل العثرات، والثاني ما يدل على صفات ممتنعة نحو اليد والوجه والنزول والمجيء فلا يصح إطلاقه البتة، وإن ورد به السمع كان التأويل من اللوازم. والثالث ما لا يدل على صفات واجبة ولا ممتنعة بل يدل على معان ثابتة نحو المكر والخداع وأمثالهما فلا يصح إطلاقه إلا إذا ورد التوقيف، ولا يقال: يا مكار يا خداع البتة وإن كان مذكورا ما يدل عليه كقوله تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ [آل عمران: ٥٤] انتهى، ولا يخفى ما فيه. وذكر الطيبي أن الحق الاعتماد في الإطلاق على الإطلاق على التوقيف، وأن كل ما أذن الشارع أن يدعى به الله عزّ وجلّ سواء كان مشتقا أو غير مشتق فهو اسم، وكل ما نسب إليه سبحانه وتعالى من غير ذلك الوجه سواء كان مؤولا أو غير مؤول فهو وصف وجعل الحي وصفا والكريم اسما وادعى أنه يقال يا كريم ولا يقال يا حي مع ورود اللفظين فيه سبحانه وتعالى فيما
أخرجه أبو داود والترمذي من حديث سلمان رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «الله تعالى حيي كريم يستحيي إذا رفع العبد يده أن يردها صفرا حتى يضع فيها خيرا» ،
وذكر أن التعريف في الأسماء للعهد وأنه لا بد من المعهود لأنه سبحانه وتعالى أمر بالدعاء بها ونهى عن الدعاء بغيرها وأوعد على ذلك.
وروى الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة أنه صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما من حفظها دخل الجنة» وفي رواية أحصاها، وفي أخرى «إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا» »
وأوتي فيه بالفذلكة والتأكيد لئلا يزاد على ما ورد. وجاءت معدودة في بعض الروايات
بقوله عليه الصلاة والسلام «هو الله لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت