خلاف ما قررته الشريعة من أخذ العامة بذنوب الخاصة ومنه قوله سبحانه: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال: ٢٥]
وقوله عليه الصلاة والسلام وقد سئل «أنهلك وفينا الصالحون؟ نعم إذا كثر الخبث»
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله سبحانه بعقاب»
في أشياء كثيرة وأيضا قد ينزل الله تعالى بالعبد مصائب يزيد بها أجره، وقد يستدرج المذنب بترك ذلك.
وأولها ابن عطية لذلك بأن المراد حتى يقع تغيير ما منهم أو ممن هو منهم كما غير سبحانه بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة ما بأنفسهم والحق أن المراد أن ذلك عادة الله تعالى الجارية في الأكثر لا أنه سبحانه لا يصيب قوما إلا بتقدم ذنب منهم فلا إشكال، قيل: ولك أن تقول: إن قوله سبحانه:
وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ تتميم لتدارك ما ذكر وفيه تأمل، والسوء بجمع كل ما يسوء من مرض وفقر وغيرهما من أنواع البلاء، ومَرَدَّ مصدر ميمي أي فلا رد له، والعامل في إِذا ما دل عليه الجواب لأن معمول المصدر وكذا ما بعد الفاء لا يتقدم عليه، والتقدير كما قال أبو البقاء وقع أو لم يرد أو نحو ذلك، والظاهر أن إِذا للكلية، وقد جاءت كذلك في أكثر الآيات وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ سبحانه مِنْ والٍ يلي أمورهم من ضر ونفع ويدخل في ذلك دخولا أوليا دفع السوء عنهم، وقيل: الأول إشارة إلى نفي الدافع بالدال وهذا إشارة إلى نفي الرافع بالراء لئلا يتكرر ولا حاجة إلى ذلك كما لا يخفى. واستدل بالآية على أن خلاف مراد الله تعالى محال.
واعترض بأنها إنما تدل على أنه تعالى إذا أراد بقوم سوءا وجب وقوعه ولا تدل على أن كل مراد له تعالى كذلك ولا على استحالة خلافه بل على عدم وقوعه، وأجيب بأنه لا فرق بين إرادة السوء وإرادة غيره لكن اقتصر على إرادة الأول لأن الكلام في الانتقام من الكفار وهو أبلغ في تخويفهم فإذا امتنع رد السوء فغيره كذلك، والمراد بالاستحالة عدم الإمكان الوقوعي لا الذاتي ولا يخفى أن هذا خلاف الظاهر، ومن أعجب ما قيل: إن الجمهور احتجوا بالآية على أن المعاصي مما يشملها السوء وإنها بخلقه تعالى، ومن الناس من جعل الآية متعلقة بقوله تعالى: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ [الرعد: ٦] إلى آخره وبين ذلك أبو حيان بما لا يرتضيه إنسان، وقيل: إن فيها إيذانا بأنهم بما باشروه من إنكار البعث واستعجال السيئة واقتراح الآية قد غيروا ما في أنفسهم من الفطرة فاستحقوا لذلك حلول غضب الله تعالى هذا.
ووقف ابن كثير على هادٍ وكذا واقٍ
حيث وقع وعلى والٍ هنا وباقٍ في النحل بإثبات الياء وباقي السبعة وقفوا بحذفها. وفي الإقناع لأبي جعفر ابن الباذش عن ابن مجاهد الوقف في جميع الباب لابن كثير بالياء وهذا لا يعرفه المكيون، وفيه أيضا عن أبي يعقوب الأزرق عن ورش أنه خيره في الوقف في جميع الباب بين أن يقف بالياء وأن يقف بحذفها كذا في البحر، وفيه أنه أثبت ابن كثير وأبو عمرو في رواية ياء «المتعال» وقفا ووصلا وهو الكثير في لسان العرب وحذفها الباقون وصلا ووقفا لأنها كذلك رسمت في الإمام.
واستشهد سيبويه لحذفها في الفواصل والقوافي وأجاز غيره حذفها مطلقا ووجه حذفها مع أنها تحذف مع التنوين وأل معاقبة له إجراء المعاقب مجرى المعاقب.
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً من الصاعقة وَطَمَعاً في الغيث قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن أنه قال: خوفا لأهل البحر وطمعا لأهل البر. وعن قتادة خوفا للمسافر من أذى المطر وطمعا للمقيم في نفعه، وعن الماوردي خوفا من العقاب وطمعا في الثواب، والمراد من البرق معناه المتبادر وعن ابن عباس أن المراد به الماء فهو مجاز من باب إطلاق الشيء على ما يقارنه غالبا.
ونصب خَوْفاً وَطَمَعاً على أنهما مفعول له- ليريكم- واتحاد فاعل العلة والفاعل المعلل ليس شرطا للنصب