فقال: خبزة فقال اليهودي: درمكة بأبي أنت فضحك صلى الله عليه وسلم ثم قال: قاتل الله تعالى بيهود هل تدرون ما الدرمكة؟ لباب الخبز.
وقد تقدم
خبر أن الأرض تكون يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة وهو في الصحيحين من رواية أبي سعيد الخدري مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وحكى بعضهم أن التبديل يقع في الأرض ولكن تبدل لكل فريق بما يقتضيه حاله، ففريق من المؤمنين يكونون على خبز يأكلون منه وفريق يكونون على فضة وفريق الكفرة يكونون على نار، وليس تبديلها بأي شيء كان بأعظم من خلقها بعد إن لم تكن.
وذكر بعضهم أنها تبدل أولا صفتها على النحو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، ثم تبدل ذاتها ويكون هذا الأخير بعد أن تحدّث أخبارها، ولا مانع من أن يكون هنا تبديلات على أنحاء شتى.
وفي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا أن الناس يوم تبدل على الصراط، وفيه من حديث ثوبان «أن يهوديا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هم في الظلمة دون الجسر»
ولعل المراد من هذا التبديل نحو خاص منه، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. وتقديم تبديل الأرض لقربها منا ولكون تبديلها أعظم أمرا بالنسبة إلينا.
وَبَرَزُوا أي الخلائق أو الظالمون المدلول عليهم بمعونة السياق كما قيل، والمراد بروزهم من أجداثهم التي في بطون الأرض.
وجوز أن يكون المراد ظهورهم بأعمالهم التي كانوا يعملونها سرا ويزعمون أنها لا تظهر أو يعملون عمل من يزعم ذلك، ووجه إسناد البروز إليهم مع أنه على هذا لأعمالهم بأنه للإيذان بتشكلهم بأشكال تناسبها. وأنت تعلم أن الظاهر ظهورهم من أجداثهم، والعطف على تُبَدَّلُ والعدول إلى صيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع.
وجوز أبو البقاء أن تكون الجملة مستأنفة وأن تكون حالا من الْأَرْضُ بتقدير يرقد والرابط الواو.
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما وَبَرَزُوا بضم الباء وكسر الراء مشددة، جعله مبنيا للمفعول على سبيل التكثير باعتبار المفعول لكثرة المخرجين لِلَّهِ أي لحكمه سبحانه ومجازاته الْواحِدِ الذي لا شريك له الْقَهَّارِ الغالب على كل شيء، والتعرض للوصفين لتهويل الخطب وتربية المهابة لأنهم إذا كانوا واقفين عند ملك عظيم قهار لا يشاركه غيره كانوا على خطر إذ لا مقاوم له ولا مغيث سواه وفي ذلك أيضا تحقيق إتيان العذاب الموعود على تقدير كون يَوْمَ تُبَدَّلُ بدلا من يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ.
وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ عطف على بَرَزُوا. والعدول إلى صيغة المضارع لاستحضار الصورة أو للدلالة على الاستمرار، وأما البروز فهو دفعي لا استمرار فيه وعلى تقدير حالية بَرَزُوا فهو معطوف على تُبَدَّلُ وجوز عطفه على عامل الظرف المقدم على تقدير كونه ينجزه مثلا يَوْمَئِذٍ يوم إذ برزوا لله تعالى أو يوم إذ تبدل الأرض أو يوم إذ ينجز وعده، والرؤية إذا كانت بصرية فالمجرمين مفعولها وقوله تعالى: مُقَرَّنِينَ حال منه، وإن كانت علمية فالمجرمين مفعولها الأول مُقَرَّنِينَ مفعولها الثاني.
والمراد قرن بعضهم من بعض وضم كل لمشاركه في كفره وعمله كقوله تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [التكوير: ٧] على قول، وفي المثل إن الطيور على أشباهها تقع، أو قرنوا مع الشياطين الذين أغووهم كقوله تعالى:
فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ [مريم: ٦٨] إلخ أو قرنوا مع ما اقترفوا من العقائد الزائغة والملكات الرديئة والأعمال