للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة فيه، وعدم صلاحية كونها لدفع الوسوسة في القراءة صارفا عنه بل يصح شرع الوجوب معه، وأجيب بأنه خلاف الإجماع، ويبعد منهما أن يبتدعا قولا خارقا له من بعد علمهما بأن ذلك لا يجوز فالله تعالى أعلم بالصارف على قول الجمهور، وقد يقال: هو تعليمه صلى الله عليه وسلم الأعرابي الصلاة ولم يذكرها عليه الصلاة والسلام.

وقد يجاب بأن تعليمه إياها بتعليمه ما هو من خصائصها وهي ليست من واجباتها بل من واجبات القراءة أو إن كونها تقال عند القراءة كان ظاهرا معهودا فاستغنى عن ذكرها، وفيه أنه لا يتأتى على ما ستسمع قريبا إن شاء الله تعالى من قول أبي يوسف عليه الرحمة. وقال الخفاجي: إن حمل الأمر على الندب لما روي من ترك النبي صلى الله عليه وسلم لها، وإذا ثبت هذا كفى صارفا ومذهب ابن سيرين. والنخعي وهو أحد قولي الشافعي أنها مشروعة في القراءة في كل ركعة لأن الأمر معلق على شرط فيتكرر بتكرره كما في قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة: ٦] وأيضا حيث كانت مشروعة في الركعة الأولى فهي مشروعة في غيرها من الركعات قياسا للاشتراك في العلة، ومذهب أبي حنيفة- وهو القول الآخر للشافعي- أنها مشروعة في الأول فقط لأن قراءة الصلاة كلها كقراءة واحدة، وقيل: إنها عند الإمام أبي حنيفة للصلاة ولذا لا تكرر، والمذكور في الهداية وغيرها أنها عند الإمام أبي حنيفة للصلاة ولذا لا تكرر، والمذكور في الهداية وغيرها أنها عند الإمام ومحمد للقراءة دون الثناء حتى يأتي بها المسبوق دون المقتدى، وقال أبو يوسف: إنها للثناء وفي الخلاصة أنه الأصح، وتظهر ثمرة الخلاف في ثلاثة مسائل ذكرت فيها فما ذكره صاحب القيل لم نعثر عليه في كتب الأصحاب، ومالك لا يرى التعوذ في الصلاة المفروضة ويراه في غيرها كقيام رمضان، والمروي عنه في غير الصلاة فيما سمعت من بعض مقلديه وعن أبي هريرة. وابن سيرين. وداود. وحمزة من القراء أن الاستعاذة عقب القراء أخذ بظاهر الآية.

وللجمهور ما

رواه أئمة القراءة مسندا عن نافع عن جبير بن مطعم أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول قبل القراءة: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»

: قال في الكشف، دل الحديث على أن التقديم هو السنة فبقي سببية القراءة لها، والفاء في فَاسْتَعِذْ دلت على السببية فلتقدر الإرادة ليصح، وأيضا الفراغ عن العمل لا ينساب الاستعاذة من العدو وإنما يناسبها الشروع فيه والتوسط فلتقدر ليكونا- أي القراءة والاستعاذة- مسببتين عن سبب واحد لا يكون بينهما مجرد الصحبة الاتفاقية التي تنافيها الفاء، وإليه أشار صاحب المفتاح بقوله بقرينة الفاء والسنة المستفيضة انتهى.

ومنه يعلم أن ما قيل من أن الفاء لا دلالة فيها على ما ذكر وأن إجماعهم على صحة هذا المجاز يدل على أن القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة ليس بشرط فيه ليس بشيء وكذا القول بالفرق بين هذه الآية وقوله تعالى: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا [المائدة: ٦] إلخ بأن ثمة دليلا قائما على المجاز فترك الظاهر له بخلاف ما نحن فيه، والظاهر أن المراد بالشيطان إبليس وأعوانه، وقيل: هو عام في كل متمرد عات من جن وإنس، وتوجيه الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخصيص قراءة القرآن من بين الأعمال الصالحة بالاستعاذة عند إرادتها للتنبيه على أنها لغيره عليه الصلاة والسلام وفي سائر الأعمال الصالحة أهم فإنه صلى الله عليه وسلم حيث أمر بها عند قراءة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فما الظن بمن عداه عليه الصلاة والسلام فيما عدا القراءة من الأعمال إِنَّهُ الضمير للشأن أو للشيطان لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ تسلط واستيلاء عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ أي إليه تعالى لا إلى غيره سبحانه يفوضون أمورهم وبه يعوذون فالمراد نفي التسلط بعد الاستعاذة فتكون الجملة تعليلا للأمر بها أو لجوابه المنوي أي أن يعذك ونحوه.

وقال البعض: المراد نفي ذلك مطلقا، قال أبو حيان: وهو الذي يقتضيه ظاهر الأخبار وتعقب بأنه إذا لم يكن له

<<  <  ج: ص:  >  >>