للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاسألوهما عن ذلك قالوا: هذه آية أخرى، ثم سألوه عن العدة والأحمال والهيئات فمثلت له العير فأخبرهم عن كل ذلك وقال: تقدم (١) يوم كذا مع طلوع الشمس وفيها فلان وفلان يقدمها جمل أورق عليه غرارتان مخيطتان قالوا: وهذه آية أخرى فخرجوا يشتدون ذلك اليوم نحو الثنية فجعلوا ينظرون متى تطلع الشمس فيكذبوه إذ قال قائل: هذه الشمس قد طلعت وقال آخر: هذه العير قد أقبلت يقدمها بعير أورق فيها فلان وفلان كما قال فلم يؤمنوا وقالوا: هذا سحر مبين قاتلهم الله أنى يؤفكون. وفي بعض الآثار أن أم هانىء قالت: فقدته صلّى الله عليه وسلّم وكان نائما عندي فامتنع مني النوم مخافة أن يكون عرض له بعض قريش ويقال إنه تفرقت بنو عبد المطلب يلتمسونه ووصل العباس إلى ذي طوى وهو ينادي يا محمد يا محمد فأجابه صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا ابن أخي أعييت قومك أين كنت؟ قال: ذهبت إلى بيت المقدس قال: من ليلتك قال: نعم قال: هل أصابك الأخير؟ قال ما أصابني الأخير

وقيل: غير ذلك.

وكما اختلف في مبدأ الإسراء اختلف في سنته فذكر النووي في الروضة أنه كان بعد النبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر، وفي الفتاوى أنه كان سنة خمس أو ست من النبوة، ونقل عنه الفاضل الملا أمين العمري في شرح ذات الشفاء الجزم بأنه كان في السنة الثانية عشرة من المبعث. وعن ابن حزم دعوى الإجماع على ذلك، وضعف ما في الفتاوى بأن خديجة رضي الله تعالى عنها لم تصل الخمس وقد ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين. وقيل كان قبل الهجرة بسنة وخمسة أشهر، وقيل ثلاثة أشهر، ووقع في حديث شريك بن أبي نمرة عن أنس أنه كان قبل أن يوحى إليه صلّى الله عليه وسلّم وقد خطأه غير واحد في ذلك، ونقل الحافظ عبد الحق في كتابه الجمع بين الصحيحين حديث شريك الواقع فيه ذلك بطوله، ثم قال: هذا الحديث بهذا اللفظ من رواية شريك عن أنس قد زاد فيه زيادة مجهولة وأتى بألفاظ غير معروفة.

وقد روي حديث الإسراء عن أنس جماعة من الحفاظ المتقنين والأئمة المشهورين كابن شهاب. وثابت البناني وقتادة فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك، وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث.

وأجاب عن ذلك محيي السنة وغيره بما ستسمعه إن شاء الله تعالى، وكذا اختلف في شهره وليلته فقال النووي في الفتاوى: كان في شهر ربيع الأول، وقال في شرح مسلم تبعا للقاضي عياض: إنه في شهر ربيع الآخر، وجزم في الروضة بأنه في رجب، وقيل: في شهر رمضان، وقيل: في شوال، وكان على ما قيل الليلة السابعة والعشرين من الشهر وكانت ليلة السبت كما نقله ابن الملقن عن رواية الواقدي، وقيل: كانت ليلة الجمعة لمكان فضلها وفضل الإسراء، ورد بأن جبرائيل عليه السلام صلّى بالنبي صلّى الله عليه وسلّم أول يوم بعد الإسراء الظهر ولو كان يوم الجمعة لم يكن فرضها الظهر قاله محمد بن عمر السفيري، وفيه أن العمري ذكر في شرح ذات الشفاء أن الجمعة والجنازة وجبتا بعد الصلوات الخمس، وفي شرح المنهاج للعلامة ابن حجر إن صلاة الجمعة فرضت بمكة ولم تقم بها لفقد العدد أو لأن شعارها الإظهار وكان صلّى الله عليه وسلّم بها مستخفيا، وأول من أقامها بالمدينة قبل الهجرة أسعد بن زرارة بقرية على ميل من المدينة.

ونقل الدميري عن ابن الأثير أنه قال: الصحيح عندي أنها كانت ليلة الاثنين واختاره ابن المنير، وفي البحر قيل إن الإسراء كان في سبع عشرة من شهر ربيع الأول والرسول صلّى الله عليه وسلّم ابن إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهر وثمانية وعشرين يوما، وحكى أنها ليلة السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر عن الجرمي، وهي على ما نقل السفيري عن الجمهور أفضل الليالي حتى ليلة القدر مطلقا، وقيل هي أفضل بالنسبة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى أمته عليه الصلاة والسلام


(١) رأيت في بعض الكتب أنه يوم الأربعاء اهـ منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>