ومن أشار يأجوج ومأجوج وأجناسهم ومن اسقويل جميع الترك ومن بنرش الفقجق واليونان. وقيل: كلاهما من الترك وروي ذلك عن الضحاك، وفي كلام بعضهم أن الترك منهم لما أخرجه ابن جرير وابن مردويه من طريق السدي من أثر قوي الترك سرية من سرايا يأجوج ومأجوج خرجت فجاء ذو القرنين فبنى السد فبقوا خارجين عنه،
وفي رواية عبد الرزاق عن قتادة أن يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة بنى ذو القرنين السد على إحدى وعشرين وكانت واحدة منهم خارجة للغزو فبقيت خارجة وسميت الترك لذلك»
وقيل: يأجوج من الترك ومأجوج من الديلم، وقيل من الجيل، وعن كعب الأحبار أن يأجوج ومأجوج من ولد آدم عليه السّلام من غير حواء وذلك أنه عليه السّلام نام فاحتلم فامتزجت نطفته في التراب فخلق منها يأجوج ومأجوج، ونقل النووي في فتاواه القول بأنهم أولاد آدم عليه السّلام من غير حواء عن جماهير العلماء.
وتعقب دعوى الاحتلام بأن الأنبياء عليهم السّلام لا يحتلمون، وأجيب بأن المنفي الاحتلام بمن لا تحل لهم فيجوز أن يحتلموا بنسائهم فلعل احتلام آدم عليه السّلام من القسم الجائز، ويحتمل أيضا أن يكون منه عليه السّلام إنزال من غير أن يرى نفسه أنه يجامع كما يقع كثيرا لأبنائه، واعترض أيضا بأنه يلزم على هذا أنهم كانوا قبل الطوفان ولم يهلكوا به، وأجيب بأن عموم الطوفان غير مجمع عليه فلعل القائل بذلك ممن لا يقول بعمومه وأنا أرى هذا القول حديث خرافة، وقال الحافظ ابن حجر: لم يرد ذلك عن أحد من السلف إلا عن كعب الأحبار، ويرده الحديث المرفوع أنهم من ذرية نوح عليه السّلام ونوح من ذرية حواء قطعا. وكأنه عنى بالحديث غير ما
روي عن أبي هريرة مرفوعا ولد لنوح. سام وحام ويافث فولد لسام العرب وفارس والروم وولد لحام القبط والبربر والسودان وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة
فإنه صرح أنه ضعيف، وفي التوراة في السفر الأول في الفصل العاشر التصريح بأن يأجوج من أبناء يافث. وزعم بعض اليهود أن مأجوج اسم للأرض التي كان يسكنها يأجوج وليس اسما لقبيلة وهو باطل بالنص، والظاهر أنهما اسمان أعجميان فمنع صرفهما للعلمية والعجمة وقيل عربيان من أج الظليم إذا أسرع وأصلهما الهمزة كما قرأ عاصم والأعمش ويعقوب في رواية وهي لغة بني أسد ووزنهما مفعول، وبناء مفعول من ذلك مع أنه لازم لتعديه بحرف الجر.
وقيل إن كان ما ذكر منقولا فللتعدي وإن كان مرتجلا فظاهر، وقال الأخفش: إن جعلنا ألفهم أصلية فيأجوج يفعول ومأجوج مفعول كأنه من أجيج النار، ومن لم يهمزهما جعلها زائدة فياجوج من يججت وماجوج من مججت، وقال قطرب: في غير الهمز ماجوج فاعول من المج ويأجوج فاعول من اليج، وقال أبو الحسن علي بن عبد الصمد السخاوي: الظاهر أنه عربي وأصله الهمز وتركه على التخفيف. وهو إما من الأجة وهو الاختلاف كما قال تعالى:
وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ [الكهف: ٩٩] أو من الأج وهو سرعة العدو قال تعالى وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ [الأنبياء: ٩٦] أو من الأجة وهي شدة الحر أو من أج الماء ياج أجوجا إذا كان ملحا مرا انتهى. وعلة منع الصرف على القول بعربيتهما العلمية والتأنيث باعتبار القبيلة.
وقرأ العجاج ورؤية ابنه «آجوج» بهزة بدل الياء. وربما يقال جوج بلا همزة ولا ياء في غير القرآن وجاء بهذا اللفظ في كتاب حزقيال عليه السّلام مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أي في أرضنا بالقتل والتخريب وسائر وجوه الإفساد المعلوم من البشر، وقيل بأخذ الأقوات وأكلها. روي أنهم كانوا يخرجون أيام الربيع فلا يتركون شيئا أخضر إلا أكلوه ولا يابسا إلا احتملوه، وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن حبيب الأوصافي أنه قال: كان فسادهم أنهم يأكلون الناس، واستدل بإسناد مفسدون إلى يأجوج ومأجوج على أن أقل الجمع اثنان وليس بشيء أصلا فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً أي جعلا