بعدها همزة حكاها اليزيدي. ومعناها كما في الدر المصون مراءاة بعضهم بعضا.
وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «ريا» بحذف الهمزة والقصر فتجاسر بعض الناس وقال: هي لحن، وليس كذلك بل خرجت على وجهين أحدهما أن يكون الأصل «ريّا» بتشديد الياء فخفف بحذف إحدى الياءين وهي الثانية لأنها التي حصل بها الثقل ولأن الآخر محل التغيير وذلك كما حذفت في لا سيما. والثاني أن يكون الأصل «ريئا» بياء ساكنة بعدها همزة فنقلت حركة الهمزة إلى الياء ثم حذفت على القاعدة المعروفة.
وقرأ ابن عباس أيضا وابن جبير ويزيد البربري والأعصم المكي «زيّا» بالزاي وتشديد الياء وهو المحاسن المجموعة يقال: زواه زيا بالفتح أي جمعه، ويراد منه الأثاث أيضا كما ذكره المبرد في قول الثقفي:
أشاقتك الظعائن يوم بانوا ... بذي الزي الجميل من الأثاث
والظاهر في الآية المعنى الأول قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ إلخ أمر منه تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلّم بأن يجيب هؤلاء المفتخرين بما لهم من الحظوظ الدنيوية على المؤمنين ببيان مآل أمر الفريقين إما على وجه كلي متناول لهم ولغيرهم من المنهمكين في اللذة الفانية المبتهجين بها على أن من على عمومها، وإما على وجه خاص بهم على أنها عبارة عنهم. ووصفهم بالتمكن في الضلالة لذمهم والإشعار بعلة الحكم أي من كان مستقرا في الضلالة مغمورا بالجهل والغفلة عن عواقب الأمور فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا أي يمد سبحانه له ويمهله بطول العمر وإعطاء المال والتمكن من التصرفات فالطلب في معنى الخبر، واختير للإيذان بأن ذلك مما ينبغي أن يفعل بموجب الحكمة لقطع المعاذير كما ينبىء عنه قوله تعالى: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ [فاطر: ٣٧] فيكون حاصل المعنى من كان في الضلالة فلا عذر له فقد أمهله الرحمن ومد له مدا، وجوز أن يكون ذلك للاستدراج كما ينطق به قوله تعالى: إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً [آل عمران: ١٧٨] وحاصل المعنى من كان في الضلالة فعادة الله تعالى أن يمد له ويستدر جه ليزداد إثما، وقيل: المراد الدعاء بالمد إظهارا لعدم بقاء عذر بعد هذا البيان الواضح فهو على أسلوب رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ [يونس: ٨٨] إن حمل على الدعاء، قال في الكشف: الوجه الأول أوفق بهذا المقام، والتعرض لعنوان الرحمانية لما أن المدن أحكامها حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إلى آخره غاية للمد وجمع الضمير في الفعلين باعتبار معنى من كما أن الأفراد في الضميرين الأولين باعتبار لفظها، وما اسم موصول والجملة بعده صلة والعائد محذوف أي الذي يوعدونه، واعتبار ما مصدرية خلاف الظاهر.
وقوله تعالى: إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ بدل من «ما» وتفصيل للموعود على طريقة منع الخلو، والمراد بالعذاب العذاب الدنيوي بغلبة المؤمنين واستيلائهم عليهم، والمراد بالساعة قيل: يوم القيامة وهو الظاهر.
وقيل: ما يشمل حين الموت ومعاينة العذاب ومن مات فقد قامت قيامته وذلك لتتصل الغاية بالمغيا فإن المد لا يتصل بيوم القيامة، وأجيب بأن أمر الفاصل سهل لأن أمور هذه الدنيا لزوالها وتقضيها لا تعد فاصلة كما قيل: ذلك في قوله تعالى: أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً [نوح: ٢٥] وقوله تعالى: فَسَيَعْلَمُونَ جواب الشرط وهما في الحقيقة الغاية إن قلنا: إن المجموع هو الكلام أو مفهومه فقط إن قلنا: إنه هو الكلام والشرط قيد له، وحَتَّى عند ابن مالك جارة وهي لمجرد الغاية لا جارة ولا عاطفة عند الجمهور وهكذا هي كلما دخلت على إذا الشرطية وهي منصوبة بالشرط أو الجزاء على الخلاف المشهور، والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب، والمراد حتى إذا عاينوا ما يوعدون من العذاب الدنيوي أو الأخروي فقط فسيعلمون حينئذ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً من الفريقين بأن يشاهدوا الأمر على عكس ما كانوا يقدرونه فيعلمون أنهم شر مكانا لا خير مقاما، وفي التعبير بالمكان هنا دون المقام المعبر به هناك مبالغة في