لحزقيل حتى نظر إلى العرش فقال حزقيل: سبحانك ما أعظمك يا رب فقال الله تعالى: إن السموات والأرض ضعفن من أن يسعنني ووسعني قلب عبدي المؤمن الوادع اللين.
نعم لذلك ما يشهد له فقد قال العلامة الشمس ابن القيم في شفاء العليل ما نصه،
وفي المسند وغيره عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «القلوب آنية الله تعالى في أرضه فأحبها إليه أصلبها وأرقها وأصفاها»
انتهى.
وروى الطبراني من حديث أبي عنبسة الخولاني رفعه «أن الله تعالى آنية من الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها» وهذا الحديث وإن كان في سنده بقية بن الوليد وهو مدلس إلا أنه صرح فيه بالتحديث ويعلم من مجموع الحديثين أربع صفات للقلب الأحب إليه تعالى اللين وهو لقبول الحق والصلابة وهي لحفظه فالمراد بها صفة تجامع اللين والصفاء والرقة وهما لرؤيته، واستواؤه تعالى على العرش بصفة الرحمانية دون الرحيمية للإشارة إلى أن لكل أحد نصيبا من واسع رحمته جل وعلا وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى قيل: السر أمر كامن في القلب كمون النار في الشجر الرطب حتى تثيره الإرادة لا يطلع عليه الملك ولا الشيطان ولا تحس به النفس ولا يشعر به العقل وإلا خفي ما في باطن ذلك.
وعند بعض الصوفية السر لطيفة بين القلب والروح وهو معدن الأسرار الروحانية والخفي لطيفة بين الروح والحضرة الإلهية وهو مهبط الأنوار الربانية وتفصيل ذلك في محله. وقد استدل بعض الناس بهذه الآية على عدم مشروعية الجهر بالذكر والحق أنه مشروع بشرطه، واختلفوا في أنه هل هو أفضل من الذكر الخفي أو الذكر الخفي أفضل منه والحق فيما لم يرد نص على طلب الجهر فيه وما لم يرد نص على طلب الإخفاء فيه أنه يختلف الأفضل فيه باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان فيكون الجهر أفضل من الإخفاء تارة والإخفاء أفضل أخرى وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى إِذْ رَأى ناراً قال الشيخ إبراهيم الكوراني عليه الرحمة في تنبيه العقول: إن تلك النار كانت مجلى الله عز وجل وتجليه سبحانه فيها مراعاة للحكمة من حيث إنها كانت مطلوب موسى عليه السّلام، واحتج على ذلك بحديث رواه عن ابن عباس رضي تعالى عنه وسنذكره إن شاء الله تعالى عند قوله تعالى فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها الآية «فاخلع نعليك» اترك الالتفات إلى الدنيا والآخرة وسر مستغرق القلب بالكلية في معرفة الله تعالى ولا تلتف إلى ما سواه سبحانه «إنك بالوادي المقدس طوى» وهو وادي قدس جلال الله تعالى وتنزه عزته عز وجل، وقيل: النعلان إشارة إلى المقدمتين اللتين يتركب منهما الدليل لأنهما يتوصل بهما العقل إلى المقصود كالنعلين يلبسهما الإنسان فيتوصل بالمشي بهما إلى مقصوده كأنه قيل: لا تلتف إلى المقدمتين ودع الاستدلال فإنك في وادي معرفة الله تعالى المفعم بآثار ألوهيته سبحانه فَاعْبُدْنِي قدم هذا الأمر للإشارة إلى عظم شرف العبودية، وثنى بقوله سبحانه وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي لأن الصلاة من أعلام العبودية ومعارج الحضرة القدسية.
وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى إيناس منه تعالى له عليه السّلام فإنه عليه السّلام دهش لما تكلم سبحانه معه بما يتعلق بالألوهية فسأله عن شيء بيده ولا يكاد يغلط فيه ليتكلم ويجيب فتزول دهشته، قيل وكذلك يعامل المؤمن بعد موته وذلك أنه إذا مات وصل إلى حضرة ذي الجلال فيعتريه ما يعتريه فيسأله عن الإيمان الذي كان بيده في الدنيا ولا يكاد يغلط فيه فإذا ذكره زال عنه ما اعتراه، وقيل: إن الله تعالى لما عرفه كمال الألوهية أراد أن يعرفه نقصان البشرية فسأله عن منافع العصا فذكر بعضها فعرفه الله تعالى أن فيها ما هو أعظم نفعا مما ذكره تنبيها على أن العقول قاصرة عن معرفة صفات الشيء الحاضر فلولا التوفيق كيف يمكنه الوصول إلى معرفة أجل الأشياء وأعظمها فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى فيه إشارة إلى ظهور أثر الجلال ولذلك خاف موسى عليه السّلام فقال سبحانه «خذها ولا تخف» فهذا