وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ عطف نسق عليه وإِبْراهِيمَ وحده عطف بيان، أو جمع وسقطت نونه للاضافة كما في قوله:
فلما «تبينّ» أصواتنا ... بكين وفديننا بالأبينا
إِلهاً واحِداً بدل من إِلهَ آبائِكَ والنكرة تبدل من المعرفة بشرط أن توصف كما في قوله تعالى:
بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ [العلق: ١٦] والبصريون لا يشترطون فيها ذلك، وفائدة الإبدال دفع توهم التعدد الناشئ من ذكر الإله مرتين، أو نصب على المدح أو الحال الموطئة كما في البحر وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ أي مذعنون مقرون بالعبودية، وقيل: خاضعون منقادون مستسلمون لنهيه وأمره قولا وعقدا، وقيل: داخلون في الإسلام ثابتون عليه، والجملة حال من الفاعل، أو المفعول، أو منهما لوجود ضميريهما، أو اعتراضية محققة لمضمون ما سبق في آخر الكلام- بلا كلام- وقال أبو حيان: الأبلغ أن تكون معطوفة على نَعْبُدُ فيكونوا قد أجابوا بشيئين وهو من باب الجواب المربي عن السؤال تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ الإشارة إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأولاده والأمة- أتت بمعان، والمراد بها هنا الجماعة من أمّ بمعنى قصد، وسميت كل جماعة يجمعهم أمر ما إما دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان بذلك لأنهم يؤم بعضهم بعضا ويقصده، والخلو- المضي وأصله الانفراد.
لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ استئناف، أو بدل من قوله تعالى: خَلَتْ لأنها بمعنى لا تشاركونهم وهي كغير الوافية وهذه وافية بتمام المراد، أو الأولى صفة أخرى- لأمة- أو حال من ضمير خَلَتْ والثانية جملة مبتدأة، إذ لا رابط فيها ولا مقارنة في الزمان، وفي الكلام مضاف محذوف بقرينة المقام، أي لكل أجر عمله، وتقديم المسند لقصر المسند إليه على المسند، والمعنى أن انتسابكم إليهم لا يوجب انتفاعكم بأعمالهم، وإنما تنتفعون بموافقتهم واتباعهم، كما
قال صلى الله تعالى عليه وسلم:«يا معشر قريش، إن أولى الناس بالنبي المتقون، فكونوا بسبيل من ذلك، فانظروا أن لا يلقاني الناس يحملون الأعمال وتلقوني بالدنيا فأصد عنكم بوجهي»
ولك أن تحمل الجملة الأولى على معنى- لها ما كسبته- لا يتخطاها إلى غيرها، والثانية على معنى ولكم ما كسبتموه- لا ما كسبه غيرهم- فيختلف القصران لاقتضاء المقام ذلك.
وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ إن أجري- السؤال- على ظاهره فالجملة مقررة لمضمون ما قبلها وإن أريد به مسببه- أعني الجزاء- فهو تذييل لتتميم ما قبله، والجملة مستأنفة أو معترضة، والمراد تخييب المخاطبين وقطع أطماعهم من الانتفاع بحسنات من مضى منهم، وإنما أطلق- العمل- لإثبات الحكم بالطريق البرهاني في ضمن قضية كلية، وحمل الزمخشري الآية على معنى- لا تؤاخذون بسيئاتهم كما لا تثابون بحسناتهم- واعترض بأنه مما لا يليق بشأن التنزيل، كيف لا وهم منزهون عن كسب السيئات، فمن أين يتصور تحميلها على غيرهم حتى يتصدى لبيان انتفائه، وأنت تعلم أنه إذا كان المقصود سوق ذلك بطريق كلي برهاني لا يتوهم ما ذكر.
هذا ومن الغريب حمل الإشارة على كل من إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وأن المعنى كل واحد منهم أُمَّةٌ أي بمنزلتها في الشرف والبهاء قَدْ خَلَتْ أي مضت، ولستم مأمورين بمتابعتهم لَها ما كَسَبَتْ وهو ما أمرها الله تعالى به وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ مما يأمركم به سبحانه وتعالى، ولا ينفعكم مكتسبهم لأنه ليس مقبولا منكم لأنه ليس في حقكم، إنما ينفعكم ما يجب عليكم كسبه وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ هل عملتم به؟ وإنما تسألون