للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعويل ويساعد عليه النظم والتأويل لأن الأمر حينئذ بمعنى الشأن وواحد الأمور وبيانه أن ما قبله حديث في الأمر الجامع وهو الأمر الذي يجمع عليه الناس ومدح من لزم مجلس رسولا لله صلّى الله عليه وسلّم ولم يذهب عنه وذم من فارقه بغير الإذن وأمر بالاستغفار في حق من فارق بالإذن لأن قوله تعالى: فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ يؤذن أن القوم ثلاث فرق المأذون في الذهاب بعد الاستئذان والمتخلف عنه ثم المتخلف إما أن يدوم في مجلسه عليه الصلاة والسلام ولم يذهب وهم المؤمنون المخلصون أو يتسلل لواذا وهم المنافقون وقوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ إلخ مترتب على القسم الثالث على سبيل الوعيد والفعل المضارع يفيد معنى الدأب والعادة وقد أقيم المظهر موضع المضمر علة لاستحقاقهم فتنة الدارين انتهى، وقد كشف عن بعض ما فيه صاحب الكشف نعم قيل عليه: إن فوات المبالغة والتناول لا يقاوم العهد ولا عدول عن الحقيقة لأن الأمر حقيقة في الحادثة وكذا المخالفة فيما ذكر ولو سلم فهو مشترك الإلزام فإن الأمر ليس حقيقة في الأمر العام وقوله: بلا ضرورة ممنوع فإن إضافة العهد صارفة. وتعقب بأن هذا مكابرة ومنع مجرد لا يسمع فإن الأبلغية لا شبهة فيا فإن تهديد من لم يمتثل أمره عليه الصلاة والسلام أشد من تركه بلا إذن وكون الأمر حقيقة في الطلب هو الأصح في الأصول والمخالفة المقارنة للأمر لا شبهة في أن حقيقتها عدم الامتثال واشتراك الإلزام ليس بتام لأن أمره إذا عم يشمل الأمر الجامع بمعنى الطلب أيضا وعهد الإضافة ليس بمتعين حتى يعد صارفا كذا قيل وفيه بحث فتأمل، وقد يقال بناء على كون الأمر المذكور إشارة إلى الأمر الجامع: إنه جيء بأوفى قوله: أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ لما أن الأمر الجامع إما أن يكون أمرا دنيويا كالتشاور وفي الأمور الحربية فالانصراف عنه مظنة إصابة المحنة الدنيوية للمنصرفين وإما أن يكون أمرا دينيا كإقامة الجمعة التي فيها تعظيم شعائر الإسلام فالانصراف عنه مظنة إصابة العذاب الأخروي.

وبالجملة لا استدلال بالآية على اعتبار العهد وأما إذا لم يعتبر فقد استدل بها، وقد سمعت شيئا من الكلام في ذلك وتمامه جرحا وتعديلا وغير ذلك في كتب الأصول أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من الموجودات بأسرها خلقا وملكا وتصرفا إيجادا وإعداما بدءا وإعادة لا لأحد غيره شركة أو استقلالا قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ أيها المكلفون من الأحوال والأوضاع التي من جملتها الموافقة والمخالفة والإخلاص والنفاق ودخول المنافقين مع أن الخطاب فيما قبل للمؤمنين بطريق التغليب، وقوله تعالى: وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ خاص بالمنافقين وهو مفعول به عطف على ما أَنْتُمْ أي يعلم يوم يرجع المنافقون المخالفون للأمر إليه عز وجل للجزاء والعقاب.

وتعليق علمه بيوم رجعهم لا برجعهم لزيادة تحقيق علمه سبحانه بذلك وغاية تقريره لما أن العلم بوقت وقوع الشيء مستلزم للعلم بوقوع الشيء على أبلغ وجه وآكده، وفيه إشعار بأن علمه جعل وعلا بنفس رجعهم من الظهور بحيث لا يحتاج إلى البيان قطعا. ويجوز أن يكون الخطاب السابق خاصا بهم أيضا فيتحقق التفاتان التفات من الغيبة إلى الخطاب في أَنْتُمْ والتفات من الخطاب إلى الغيبة في يُرْجَعُونَ والعطف على حاله. وجوز أن يكون على مقدر أي ما أنتم عليه الآن ويوم إلخ فإن الجملة الاسمية تدل على الحال في ضمن الدوام والثبوت. وقيل: يجوز أن يكون يَوْمَ ظرفا لمحذوف يعطف على ما قبله أي وسيحاسبهم يوم أو نحو ذلك ولا أرى اختصاصه بالوجه الثاني في الخطاب.

وفي البحر بعد ذكر الوجهين فيه والظهر عطف يَوْمَ على ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وقال ابن عطية: يجوز أن يكون التقدير والعلم يظهر لكم أو نحو هذا يوم فيكون يَوْمَ نصبا على الظرفية بمحذوف وقد للتحقيق وفيا الاحتمالان

<<  <  ج: ص:  >  >>