للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن وإذا ثبت وجوب القراءة ثبت أنها آية من الفاتحة لأنه لا قائل بالفرق «الحجة الرابعة عشرة» أنه لا شك أنها من القرآن في سورة النمل ثم إنا نراه مكررا بخط القرآن فوجب أن يكون من القرآن كما أنا لما رأينا قوله تعالى: فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [من سورة المرسلات] فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [من سورة الرحمن] مكررا كذلك قلنا إن الكل منه «الحجة الخامسة عشرة»

روي أنه عليه السلام كان يكتب باسمك اللهم الحديث

وهو يدل على أن أجزاء هذه الكلمة كلها من القرآن مجموعها منه وهو مثبت فيه فوجب الجزم بأنه من القرآن إذ لو جاز إخراجه مع هذه الموجبات والشهرة لكان جواز إخراج سائر الآيات أولى وذلك يوجب الطعن في القرآن العظيم «الحجة السادسة عشرة» قد بينا أنه ثبت بالتواتر أن الله تعالى كان ينزل هذه الكلمة على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وكان عليه السلام يأمر بكتابتها بخط المصحف فيه وبينا أن حاصل الخلاف في أنه هل تجب قراءته وهل يجوز للمحدث مسه؟ فنقول ثبوت هذه الأحكام أحوط فوجب المصير إليه

لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم «دع ما يرييك إلى ما لا يرييك»

انتهى كلامه وليس بشيء لأن البعض منه مجاب عنه والبعض لا يقوم حجة علينا لأن الصحيح من مذهبنا أن بسم الله الرحمن الرحيم آية مستقلة وهي من القرآن وإن لم تكن من الفاتحة نفسها وقد أوجب الكثير منا قراءتها في الصلاة وذكر الزيلعي في شرح الكنز أن الأصح أنها واجبة، وذكر الزاهدي عن المجتبى أن الصحيح أنها واجبة في كل ركعة تجب فيها القراءة وهي الرواية الصحيحة عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه، وقال ابن وهبان في منظومته:

ولو لم يبسمل ساهيا كل ركعة ... فيسجد إذ إيجابها قال الأكثر

وفي غنية المتملي وهو الأحوط وبه أقول خلافا لقاضيخان وصاحب الخلاصة وغيرهم والحق أحق بالاتباع (١) والقول عن بعض هذا أنه من طغيان القلم غاية الطغيان ونهاية في التعصب من غير إتقان ولنتكلم على ما ذكره هذا العلامة على التفصيل «فنقول» أما ما ذكره في الحجة الأولى من حديث أم سلمة بالوجه الذي رواه مخالف لما في البيضاوي المخالف (٢) لما في الكتب الحديثية فيجاب عنه بأن أبا مليكة لم يثبت سماعه عن أم سلمة وبتقديره للمعاصرة يقال: إن هذا اللفظ لم يوجد في المشهور ولعله نقل بالمعنى لبعض الروايات الآتية على حسب ما يلوح له

فقد أخرج أبو عبيد وأحمد وأبو داود بلفظ «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقطع قراءته آية آية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين»

وابن الأنباري والبيهقي «كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول بسم الله الرحمن الرحيم ثم يقف ثم يقول الحمد لله رب العالمين ثم يقف ثم يقول الرحمن الرحيم ثم يقف ثم يقول مالك يوم الدين»

وابن خزيمة والحاكم بلفظ «أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية الحمد لله رب العالمين اثنين الرحمن الرحيم ثلاث آيات مالك يوم الدين أربع آيات وقال هكذا إياك نعبد وإياك نستعين وجمع خمس أصابعه»

والدارقطني بلفظ «كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين إلى آخرها قطعها آية آية وعدها عد الاعراب وعد بسم الله الرحمن الرحيم ولم يعد عَلَيْهِمْ

والرواية الأولى والثانية يمكن أن يقال عنت بهما بيان كيفية قراءة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لسائر القرآن وذكرت بعضا منه على سبيل التمثيل ولم تستوعب وليس فيهما سوى إثبات أنها آية وهو مسلم لكن من القرآن وأما أنها من الفاتحة فلا، وكذا


(١) هذا اعتراض على الشهاب اهـ منه.
(٢) اعتراض على البيضاوي اهـ منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>