للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متشكلة بشكل نساء بني آدم ما دام الحمل في بطنها وهو فيه يتغذى وينمو بما يصل إليه من غذائها وكل من الشقوق لا يخلو عن استبعاد كما لا يخفى، وإيثار وَجَدْتُ على رأيت لما أشير إليه فيما سبق من الإيذان بكونه عند غيبته بصدد خدمته عليه السلام بإبراز نفسه في معرض من يتفقد أحوالها ويتعرفها كأنها طلبته وضالته ليعرضها على سليمان عليه السلام، وقيل: للإشعار بأن ما ظفر به أمر غير معلوم أولا لأن الوجدان بعد الفقد وفيه رمز بغرابة الحال، وضمير تَمْلِكُهُمْ لسبأ على أنه اسم للحي أو لأهلها المدلول عليهم بذكر مدينتهم على أنها اسم لها. وليس في الآية ما يدل على جواز أن تكون المرأة ملكة ولا حجة في عمل قوم كفرة على مثل هذا المطلب.

وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما بلغه أن أهل فارس قد ملكوا بنت كسرى قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»

ونقل عن محمد بن جرير أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية ولم يصح عنه. وفي الأشباه لا ينبغي أن تولى القضاء وإن صح منها بغير الحدود والقصاص، وذكر أبو حيان أنه نقل عن أبي حنيفة عليه الرحمة أنها تقضي فيما تشهد فيه لا على الإطلاق ولا أن يكتب لها منشور بأن فلانة مقدمة على الحكم وإنما ذلك على سبيل التحكيم لها وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أي من الأشياء التي تحتاج إليها الملوك بقرينة تَمْلِكُهُمْ، وقد يقال: ليس الغرض إلا إفادة كثرة ما أوتيت.

والجملة تحتمل أن تكون عطفا على جملة تَمْلِكُهُمْ وأن تكون حالا من ضمير تملكهم المرفوع بتقدير قد أو بدونه وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ قال ابن عباس كما أخرجه عنه ابن جرير وابن المنذر أي سرير كريم من ذهب قوائمه من جوهر ولؤلؤ حسن الصنعة غالي الثمن، وروي عنه أيضا أنه كان ثلاثين ذراعا في ثلاثين ذراعا وكان طوله في السماء ثلاثين ذراعا أيضا، وقيل: كان طوله ثمانين في ثمانين وارتفاعه ثمانين.

وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد أنه سرير من ذهب وصفحتاه مرصعتان بالياقوت والزبرجد طوله ثمانون ذراعا في عرض أربعين ذراعا، وقيل: كان من ذهب مكللا بالدر والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر وقوائمه من الياقوت والزمرد وعليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق، وقيل: غير ذلك والله تعالى أعلم بحقيقة الحال، وبالجملة فالظاهر أن المراد بالعرش السرير، وقال أبو مسلم: المراد به الملك ولا داعي إليه. واستعظام الهدهد لعرشها مع ما كان يشاهده من ملك سليمان عليه السلام إما بالنسبة إلى حالها أو إلى عروش أمثالها من الملوك، وجوز أن يكون ذلك لأنه لم يكن لسليمان عليه السلام مثله وإن كان عظيم الملك فإنه قد يوجد لبعض أمراء الأطراف شيء لا يكون للملك الذي هم تحت طاعته. وأيا ما كان فوصفه بذلك بين يديه عليه السلام لما ذكر أولا من ترغيبه عليه السلام في الإصغاء إلى حديثه وفيه توجيه لعزيمته عليه السلام نحو تسخيرها ولذلك عقبه بما يوجب غزوها من كفرها وكفر قومها حيث قال: وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي يعبدونها متجاوزين عبادة الله تعالى.

قال الحسن كانوا مجوسا يعبدون الأنوار، وقيل: كانوا زنادقة.

والظاهر أن هذه الجملة استئناف كلام وأن الوقف على عَظِيمٌ قال صاحب المرشد ولا يوقف على عرش وقد زعم بعضهم جوازه وقال معناه عظيم عند الناس. وقد أنكر هذا الوقف أبو حاتم وغيره من المتقدمين ونسبوا القائل به إلى الجهل، وقول من قال معناه عظيم عبادتهم للشمس من دون الله تعالى قول ركيك لا يعتد به وليس في الكلام ما يدل عليه، وفي الكشاف من نوكى القصاص من وقف على عَرْشٌ يريد عظيم إن وجدتها فر من استعظام الهدهد عرشها فوقع في عظيمة وهي نسخ كتاب الله تعالى وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ التي هي عبادة الشمس ونظائرها من أصناف الكفر والمعاصي، والجملة تحتمل العطف على جملة يَسْجُدُونَ والحالية من الضمير على نحو ما مر

<<  <  ج: ص:  >  >>