للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخائفا خبرها وجملة يترقب خبر بعد خبر أو حال من الضمير في خائفا وقال أبو البقاء: يترقب حال مبدلة من الحال الأولى أو تأكيد لها أو حال من الضمير في خائفا اهـ. وفيه احتمال كون أصبح تامة واحتمال كونها ناقصة، والخبر في المدينة ولا يخفى عليك ما هو الأولى من ذلك فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ وهو الإسرائيلي الذي قتل عليه السلام القبطي بسببه يَسْتَصْرِخُهُ أي يستغيثه من قبطي آخر برفع الصوت من الصراخ وهو في الأصل الصياح ثم تجوز به عن الاستغاثة لعدم خلوها منه غالبا وشاع حتى صار حقيقة عرفية، وقيل: معنى يستصرخه يطلب إزالة صراخه، وإذا للمفاجأة وما بعدها مبتدأ وجملة يستصرخه الخبر.

وجوز أبو البقاء كون الجملة حالا والخبر إذا، والمراد بالأمس اليوم الذي قبل يوم الاستصراخ، وفي الحواشي الشهابية ان كان دخوله عليه السلام المدينة بين العشاءين فالأمس مجاز عن قرب الزمان وهو معرب لدخول أل عليه وذلك الشائع فيه عند دخولها، وقد بني معها على سبيل الندرة كما في قوله:

وإني حبست اليوم والأمس قبله ... إلى الشمس حتى كادت الشمس تغرب

قالَ أي موسى عليه السلام لَهُ مُوسى أي للإسرائيلي الذي يستصرخه إِنَّكَ لَغَوِيٌّ ضال مُبِينٌ بين الغواية لأنك تسببت لقتل رجل وتقاتل آخر أو لأن عادتك الجدال، واختار هذا بعض الأجلة قال: إن الأول لا يناسب قوله تعالى: فَلَمَّا أَنْ أَرادَ إلخ لأن تذكر تسببه لما ذكر باعث الاحجام لا الاقدام. ورد بأن التذكر أمر محقق لقوله تعالى: خائِفاً يَتَرَقَّبُ والباعث له على ما ذكر شفقته على من ظلم من قومه وغيرته لنصرة الحق، وقيل: إن الضمير في له والخطاب في إنك للقبطي، ودل عليه قوله: يَسْتَصْرِخُهُ وهو خلاف الظاهر، ويبعده الإظهار في قوله تعالى: فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما فإن الظاهر على ذاك به بدل الذي والبطش الأخذ بصولة وسطوة، والتنوين في عدو للتفخيم أي عدو عظيم العداوة ولإرادة ذلك لم يضفه، والمراد بالذي هو عدو لهما القبطي، وقد كان القبط أعظم الناس عداوة لبني إسرائيل وقيل: عداوته لهما لأنه لم يكن على دينهما، وقرأ الحسن وأبو جعفر «يبطش» بضم الطاء.

قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ قاله الإسرائيلي الذي يستصرخه على ما روي عن ابن عباس وأكثر المفسرين وكأنه توهم إرادة البطش به دون القبطي من تسمية موسى عليه السلام إياه غويا، وقال الحسن: قاله القبطي الذي هو عدو لهما كأنه توهم من قوله للإسرائيلي إنك لغوي أنه الذي قتل القبطي بالأمس له ولا بعد فيه لأن ما ذكر إما إجمال لكلام يفهم منه ذلك أو لأن قوله ذلك لمظلوم انتصر به خلاف الظاهر فلا بعد للانتقال منه لذلك، والذي في التوراة التي بأيدي اليهود اليوم ما هو صريح في أن هذين الرجلين كانا من بني إسرائيل، وأما الرجلان اللذان رآهما بالأمس فأحدهما إسرائيلي والآخر مصري، ووجه أمر العداوة على ذلك بأن هذا الذي أراد عليه السلام أن يبطش به كان ظالما لمن استصرخه فيكون عدوا له وعاصيا لله تعالى فيكون عدوا لموسى عليه السلام، ويحتمل أن تكون عداوته لهما لكونه مخالفا لما هما عليه من الدين وإن كان إسرائيليا وفيها أيضا ما هو صريح في أن الظالم هو قائل ذلك.

وأنت تعلم أن هذه التوراة لا يلتفت إليها فيما يكذب القرآن أو السنة الصحيحة وهي فيما عدا ذلك كسائر أخبار بني إسرائيل لا تصدق ولا تكذب. نعم قد يستأنس بها لبعض الأمور ثم إن ما فيها من قصة موسى عليه السلام مخالف لما قصه الله تعالى منها هنا، وفي سائر المواضع زيادة ونقصا وهو ظاهر لمن وقف عليها، ولا يخفى الحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>