للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخفى ما في هذه الاستدلالات من المقالات والمنازعات. ثم إن ما تقدم عن مكي من

أنه عليه السلام دخل ولم ينفذ شيئا مما قاله غيره أيضا. وقد روي أيضا من طريق الإمامية عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه

، وقيل:

إنه عليه السلام لم يدخل حتى أتم الأجل،

وجاء في بعض الآثار أنهما لما أتما العقد قال شعيب لموسى عليهما السلام:

ادخل ذلك البيت فخذ عصا من العصي التي فيه وكان عنده عصي الأنبياء عليهم السلام فدخل وأخذ العصا التي هبط بها آدم من الجنة ولم تزل الأنبياء عليهم السلام يتوارثونها حتى وقعت إلى شعيب فقال له شعيب: خذ غير هذه فما وقع في يده إلا هي سبع مرات

فعلم أن له شأنا،

وعن عكرمة أنه قال. خرج آدم عليه السلام بالعصا من الجنة فأخذها جبرائيل عليه السلام بعد موته وكانت معه حتى لقي بها موسى ليلا فدفعها إليه.

وفي مجمع البيان عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه أنه قال: كانت عصا موسى قضيب آس من الجنة أتاه بها جبرائيل عليه السلام لما توجه تلقاء مدين.

وقال السدي: كانت تلك العصا قد أودعها شعيبا ملك في صورة رجل فأمر ابنته أن تأتي بعصا فدخلت وأخذت العصا فأتته بها فلما رآها الشيخ قال ائتيه بغيرها فردها سبع مرات فلم يقع في يدها غيرها فدفعها إليه ثم ندم لأنها وديعة فتبعه فاختصما فيها ورضيا أن يحكم بينهما أول طالع: فأتاهما الملك فقال ألقياها فمن رفعها فهي له فعالجها الشيخ فلم يطقها ورفعها موسى عليه السلام

. وعن الحسن ما كانت إلا عصا من الشجر اعترضها اعتراضا، وعن الكلبي الشجرة التي نودي منها شجرة العوسج ومنها كانت عصاه.

وروي أنه لما شرع عليه السلام بالخدمة والرعي قال له شعيب: إذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك فإن الكلأ وإن كان بها أكثر إلا أن فيها تنينا أخشاه عليك وعلى الغنم، فلما بلغ مفرق الطريق أخذت الغنم ذات اليمين ولم يقدر على كفها ومشى على أثرها فإذا عشب وريف لم ير مثله فنام فإذا بالتنين قد أقبل فحاربته العصا حتى قتلته وعادت إلى جنب موسى عليه السلام دامية فلما أبصرها دامية والتنين مقتولا ارتاح لذلك ولما رجع إلى شعيب وجد الغنم ملأى البطون غزيرة اللبن فأخبره موسى عليه السلام بما كان ففرح وعلم أن لموسى والعصا شأنا وقال له: إني وهبت لك من نتاج غنمي هذا العام كل أدرع ودرعاء فأوحى الله تعالى إليه في المنام أن اضرب بعصاك مستقى الغنم ففعل ثم سقى فما أخطأت واحدة إلا وضعت أدرع أو درعاء فوفى له شعيب بما قال

، وحكى يحيى بن سلام أنه جعل له كل سخلة تولد على خلاف شية أمها فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام في المنام أن ألق عصاك في الماء الذي تسقي منه الغنم ففعل فولدت كلها على خلاف شيتها،

وأخرج ابن ماجة والبزار وابن المنذر والطبراني وغيرهم من حديث عتبة السلمي مرفوعا «أنه عليه السلام لما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به فأعطاها ما ولدت غنمه من قالب لون من ذلك العام وكانت غنمه سوداء حسناء فانطلق موسى إلى عصاه فسماها من طرفها ثم وضعها في أدنى الحوض ثم أوردها فسقاها ووقف بإزاء الحوض فلم يصدر منها شاة إلا ضرب جنبها شاة شاة فأنمت وانثنت ووضعت كلها قوالب ألوان إلا شاة أو شاتين ليس فيها فشوش أي واسعة الشخب ولا ضبوب أي طويلة الضرع تجره ولا غزور أي ضيقة الشخب ولا ثعول أي لا ضرع لها إلا كهيئة حلمتين ولا كمشة تفوت الكف أي صغيرة الضرع لا يدرك الكف»

وظاهر هذا الخبر أن الهبة كانت لزوجته عليه السلام وأنه كان ذلك لما أراد فراق شعيب عليهما السلام وهو خلاف ما يقتضيه ظاهر ما تقدم فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ أي أتم المدة المضروبة لما أراد شعيب منه والمراد به الأجل الآخر كما أخرجه ابن مردويه عن مقسم عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما. وأخرج البخاري وجماعة عن ابن عباس أنه سئل أي الأجلين قضى موسى عليه السلام؟

فقال: فضى أكثرهما وأطيبهما إن رسول الله إذا قال فعل،

وأخرج ابن مردويه من طريق علي بن عاصم عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري أن رجلا سأله أي الأجلين قضى موسى فقال: لا أدري حتى أسأل رسول الله صلّى الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>