للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا أَتاها أي النار التي آنسها.

نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ أي أتاه النداء من الجانب الأيمن بالنسبة إلى موسى عليه السلام في مسيره فالأيمن صفة الشاطئ وهو ضد الأيسر، وجوز أن يكون الأيمن بمعنى المتصف باليمن والبركة ضد الأشأم، وعليه فيجوز كونه صفة للشاطىء أو الوادي، ومِنْ على ما اختاره جمع لابتداء الغاية متعلقة بما عندها، وجوز أن تتعلق بمحذوف وقع حالا من ضمير موسى عليه السلام المستتر في نودي أي نودي قريبا من شاطىء الوادي، وجوز على الحالية أن تكون- من- بمعنى في كما في قوله تعالى: ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ [الأحقاف: ٤] أي نودي كائنا في شاطىء الوادي، وقوله تعالى: فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ في موضع الحال من الشاطئ أو صلة لنودي، والبقعة القطعة من الأرض على غير هيئة التي إلى جنبها وتفتح باؤها كما في القاموس، وبذلك قرأ الأشهب العقيلي. ومسلمة، ووصفت بالبركة لما خصت به من آيات الله عز وجل وأنواره.

وقيل: لما حوت من الأرزاق والثمار الطيبة وليس بذاك، وقوله سبحانه: مِنَ الشَّجَرَةِ بدل من قوله تعالى:

مِنْ شاطِئِ أو الشجرة فيه بدل من شاطىء وأعيد الجار لأن البدل على تكرار العامل وهو بدل اشتمال فإن الشاطئ كان مشتملا على الشجرة إذ كانت نابتة فيه، ومِنْ هنا لا تحتمل أن تكون بمعنى في كما سمعت في من الأولى، نعم جوز فيها أن تكون للتعليل كما في قوله تعالى: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا [نوح: ٢٥] متعلقة بالمباركة أي البقعة المباركة لأجل الشجرة، وقيل: يجوز تعلقها بالمباركة مع بقائها للابتداء على معنى أن ابتداء بركتها من الشجرة، وكانت هذه الشجرة على ما روي عن ابن عباس عنابا، وعلى ما روي عن ابن مسعود سمرة، وعلى ما روي عن ابن جريج والكلبي ووهب عوسجة. وعلى ما روي عن قتادة ومقاتل عليقة وهو المذكور في التوراة اليوم، وأن في قوله تعالى: أَنْ يا مُوسى تحتمل أن تكون تفسيرية وأن تكون مخففة من الثقيلة والأصل بأنه، والجار متعلق بنودي، والنداء قد يوصل بحرف الجر أنشد أبو علي:

ناديت باسم ربيعة بن مكدم ... أن المنوه باسمه الموثوق

والضمير للشأن وفسر الشأن بقوله تعالى: إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ وقرأت فرقة «أني» بفتح الهمز،

<<  <  ج: ص:  >  >>