للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له فئة يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ بدفع العذاب عنه وَما كانَ أي بنفسه مِنَ المُنْتَصِرِينَ أي الممتنعين عن عذابه عز وجل، يقال: نصره من عدوه فانتصر أي منعه فامتنع، ويحتمل أن يكون المعنى وما كان من المنتصرين بأعوانه فذكر ذلك للتأكيد وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ أي مثل مكانه ومنزلته لما تقدم من قولهم مثل ما أوتي، وجوز كون هذا على ظاهرة ومِثْلَ هناك مقحمة وليس بذاك بِالْأَمْسِ منذ زمان قريب وهو مجاز شائع، وجوز حمله على الحقيقة والجار والمجرور متعلق بتمنوا أو بمكانه، قيل: والعطف بالفاء التي تقتضي التعقيب في فَخَسَفْنا يدل عليه.

وفي البحر دل أصبح إذا حمل على ظاهره على أن الخسف به وبداره كان ليلا وهو أفظع العذاب إذ الليل مقر الراحة والسكون، وقال بعضهم: هي بمعنى صار أي صار المتمنون.

يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ أي يفعل كل واحد من البسط والقدر أي التضييق والقتر لا لكرامة توجب البسط ولا لهوان يوجب التضييق، ووي عند الخليل وسيبويه اسم فعل ومعناها أعجب وتكون للتحسر والتندم أيضا كما صرحوا به، وعن الخليل أن القوم ندموا فقالوا متندمين على ما سلف منهم «وي» وكل من ندم وأراد إظهار ندمه قال «وي» ولعل الأظهر إرادة التعجب بأن يكونوا تعجبوا أولا مما وقع وقالوا ثانيا كأن إلخ وكأن فيه عارية عن معنى التشبيه جيء بها للتحقيق كما قيل ذلك في قوله:

وأصبح بطن مكة مقشعرا ... كأن الأرض ليس بها هشام

وأنشد أبو علي:

كأنني حين أمسي لا تكلمني ... متيم يشتهي ما ليس موجودا

وقيل: هي غير عارية عن ذلك، والمراد تشبيه الحال المطلق بما في حيزها إشارة إلى أنه لتحققه وشهرته يصلح أن يشبه به كل شيء وهو كما ترى وزعم الهمداني أن الخليل ذهب إلى أن «وي» للتندم وكأن للتعجب والمعنى ندموا متعجبين في أن الله تعالى يبسط إلخ، وفيه أن كون كأن للتعجب مما لم يعهد، وأيا ما كان فالوقف كما في البحر على (وي) والقياس كتابتها مفصولة وكتبت متصلة بالكاف لكثرة الاستعمال وقد كتبت على القياس في قول زيد بن عمرو بن نفيل:

وي كأن من يكن له نشب يح ... بب ومن يفتقر يعش عيش ضر

وقال الأخفش: الكاف متصلة بها وهي اسم فعل بمعنى أعجب والكاف حرف خطاب لا موضع لها من الإعراب كما قالوا في ذلك ونحوه، والوقف على ويك، وعلى ذلك جاء قول عنترة:

ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... قيل الفوارس ويك عنتر أقدم

و (أن) عنده مفتوحة الهمزة بتقدير العلم أي أعلم أن الله إلخ، وذهب الكسائي ويونس وأبو حاتم وغيرهم إلى أن أصله ويلك فخفف بحذف اللام فبقي ويك، وهي للردع والزجر والبعث على ترك ما لا يرضى، وقال أبو حيان: هي كلمة تحزن وأنشد في التحقيق قوله:

ألا ويك المضرة لا تدوم ... ولا يبقى على البؤس النعيم

والكاف على هذا في موضع جر بالإضافة، والعامل في أن فعل العلم المقدر كما سمعت أو هو بتقدير لأن على أنه بيان للسبب الذي قيل لأجله ويك، وحكى ابن قتيبة عن بعض أهل العلم أن معنى ويك رحمة لك بلغة حمير، وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>