وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي الدرداء قال:«ألا أخبركم بخير أعمالكم وأحبها إلى مليككم وأسماها في درجاتكم وخير من أن تغزوا عدوكم فيضربوا رقابكم وتضربوا رقابهم وخير من إعطاء الدنانير والدراهم قالوا: وما هو يا أبا الدرداء؟ قال ذكر الله تعالى وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ»
. وأخرج ابن جرير عن سلمان أنه سئل أي العمل أفضل؟
قال: أما تقرأ القرآن؟ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ لا شيء أفضل من ذكر الله، ونسب في البحر إلى أبي الدرداء. وسلمان رضي الله تعالى عنهما القول الذي ذكرناه أولا عمن سمعت، ولعل ذلك إحدى روايتين عنهما، وجاء عن ابن عباس أيضا رواية تشعر بأن المراد بذكر الله تعالى ذكر العبد له سبحانه.
أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والحاكم في الكنى والبيهقي في شعب الإيمان عن عنترة قال: قلت لابن عباس رضي الله تعالى عنهما أي العمل أفضل؟ قال: ذكر الله أكبر وما قعد قوم في بيت من بيوت الله تعالى يدرسون كتاب الله ويتعاطونه بينهم إلا أظلتهم الملائكة بأجنحتها وكانوا أضياف الله تعالى ما داموا فيه حتى يفيضوا في حديث غيره وما سلك رجل طريقا يلتمس فيه العلم إلا سهل الله تعالى له طريقا إلى الجنة.
وقيل: المراد بذكر الله الصلاة كما في قوله تعالى: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: ٩] أي وللصلاة أكبر من سائر الطاعات وإنما عبر عنها به للإيذان بأن ما فيها من ذكر الله تعالى هو العمدة في كونها مفضلة على الحسنات ناهية عن السيئات، وقيل: المعنى ولذكر الله تعالى عند الفحشاء والمنكر، وذكر نهيه عنهما ووعيده عليهما أكبر في الزجر من الصلاة، (فذكر) على هذه الأقوال مصدر مضاف للمفعول والمفضل عليه محذوف، وجوز أن لا يكون أفعل للتفضيل سواء كانت إضافة المصدر للفاعل أم للمفعول كما في الله أكبر وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ من الخير والطاعة فيجازيكم بذلك أحسن المجازاة، وقال أبو حيان: يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ من الخير والشر فيجازيكم بحسبه ففيه وعد ووعيد وحث على المراقبة.