للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأئمة كما قاله بعض الحفاظ

أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «ليكونن في أمتي قوم يستحلون الخز والخمر والمعازف»

وهو صريح في تحريم جميع آلات اللهو المطربة ومما يشبه الصريح في ذلك ما

رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الملاهي عن أنس، وأحمد، والطبراني عن ابن عباس، وأبي أمامة مرفوعا «ليكونن في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ وذلك إذا شربوا الخمور واتخذوا القينات وضربوا بالمعازف»

وهي الملاهي التي سمعتها، ومنها الصنج العجمي وهو صفر يجعل عليه أوتار يضرب بها على ما ذهب إليه غير واحد خلافا للماوردي حيث قال: إن الصنج يكره مع الغناء ولا يكره منفردا لأنه بانفراده غير مطرب، ولعله أراد به العربي وهو قطعتان من صفر تضرب أحدهما بالأخرى فإنه بحسب الظاهر هو الذي لا يطرب منفردا لكن يزيد الغناء طربا، وذكر أنه يستعمله المخنثون في بعض البلاد، ولا يبعد عليه القول بالحرمة، ومنها اليراع وهو الشبابة فإنه مطرب بانفراده بل قال بعض أهل الموسيقى: إنه آلة كاملة جامعة لجميع النغمات إلا يسيرا، وقد أطنب الإمام الدولعي وهو من أجلة العلماء في دلائل تحريمه ومنها القياس وهو إما أولى أو مسار وقال: العجب كل العجب ممن هو من أهل العلم بزعم أن الشبابة حلال اهـ ومنه يعلم ما في قول التاج السبكي في توشيحه لم يقر عندي دليل على تحريم اليراع مع كثرة التتبع والذي أراه الحل فإن انضم إليه محرم فلكل منهما حكمة، ثم الأولى عندي لمن ليس من أهل الذوق الإعراض عنه مطلقا لأن غاية ما فيه حصول لذة نفسانية وهي ليست من المطالب الشرعية وأما أهل الذوق فحالهم مسلم إليهم وهم على حسب ما يجدونه من أنفسهم اهـ.

وحكي عن العز بن عبد السلام، وابن دقيق العيد أنهما كانا يسمعان ذلك والظاهر أنه كذب لا أصل له وبذلك جزم بعض الأجلة، ولا يبعد حلها إذا صفر فيها كالأطفال والرعاء على غير القانون المعروف من الإطراب.

ومنها العود وهو آلة للهو غير الطنبور وأطلقه بعضهم عليه وحكاية النجس ابن طاهر عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي أنه كان يسمع العود من جملة كذبه وتهوره كدعواه إجماع الصحابة والتابعين على إباحة الغناء واللهو، ومثله في المجازفة وارتكاب الأباطيل على الجزم ابن حزم لا الدف فيجوز ضربه من رجل وامرأة لا من امرأة فقط خلافا للحليمي واستماعه لعرس ونكاح وكذا غيرهما من كل سرور في الأصح وبحل ذي الجلاجل منه وهي إما نحو حلق يجعل داخله كدف العرب أو صنوج عراض من صفر تجعل في حروف دائرته كدف العجم جزم جماعة وجزم آخرون بحرمته وبها أقول لأنه كما قال الأذرعي أشد إطرابا من أكثر الملاهي المتفق على تحريمها، وبعض المتصوفة ألفوا رسائل في حل الأوتار والمزامير وغيرها من آلات اللهو وأتوا فيها بكذب عجيب على الله تعالى وعلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعلى أصحابه رضي الله تعالى عنهم والتابعين والعلماء العاملين وقلدهم في ذلك من لعب به الشيطان وهوى به الهوى إلى هوة الحرمان فهو عن الحق بمعزل وبينه وبين حقيقة التصوف ألف ألف منزل، وإذا تحقق لديك قول بعض الكبار بحل شيء من ذلك فلا تغتر به لأنه مخالف لما عليه أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم من الأكابر المؤيد بالأدلة القوية التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك ما عدا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ومن رزق عقلا مستقيما وقلبا من الأهواء الفاسدة سليما لا يشك في أن ذلك ليس من الدين وأنه بعيد بمراحل عن مقاصد شريعة سيد المرسلين صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه أجمعين واستدل بعض أهل الإباحة على حل الشبابة بما

أخرجه ابن حبان في صحيحه عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع صوت زمارة راع فجعل إصبعيه في أذنيه وعدل عن الطريق وجعل يقول: يا نافع أتسمع فأقول: نعم فلما قلت: لا رجع إلى الطريق ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يفعله، وأخرجه ابن أبي الدنيا، والبيهقي عن نافع أيضا،

<<  <  ج: ص:  >  >>