متعلقا به أيضا أي يشتري ذلك بغير علم بحال ما يشتريه أو بالتجارة حيث استبدل الضلال بالهدى والباطل بالحق، ويجوز أن يكون متعلقا بيضل أي ليضل عن سبيله تعالى جاهلا أنها سبيله عزّ وجلّ أو جاهلا أنه يضل أو جاهلا الحق وَيَتَّخِذَها بالنصب عطفا على «يضل» والضمير للسبيل فإنه مما يذكر ويؤنث، وجوز أن يكون للآيات، وقيل:
يجوز أن يكون للأحاديث لأن الحديث اسم جنس بمعنى الأحاديث وهو كما ترى هُزُواً أي مهزوءا به. وقرأ جمع من السبعة يَتَّخِذَها بالرفع عطفا على يَشْتَرِي وجوز أن يكون على إضمار هو أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ لما اتصفوا به من اهانتهم الحق بإيثار الباطل عليه وترغيب الناس فيه والجزاء من جنس العمل، وأُولئِكَ إشارة إلى مِنَ وما فيه من معنى البعد للإشارة إلى بعد المنزلة في الشرارة، والجمع في اسم الإشارة والضمير باعتبار معناها كما أن الأفراد في الفعلين باعتبار لفظها، وكذا في قوله تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ ففي الآية مراعاة اللفظ ثم مراعاة المعنى ثم مراعاة اللفظ ونظيرها في ذلك قوله تعالى في سورة [الطلاق: ٢] وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ الآية، قال أبو حيان:
ولا نعلم جاء في القرآن ما حمل على اللفظ ثم على المعنى ثم على اللفظ غير هاتين الآيتين، وقال الخفاجي: ليس كذلك فإن لها نظائر أي وإذا تتلى على المشتري المذكور آياتُنا الجليلة الشأن وَلَّى أعرض عنها غير معتد بها مُسْتَكْبِراً مبالغا في التكبر فالاستفعال بمعنى التفعل كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها حال من ضمير وَلَّى أو من ضمير مُسْتَكْبِراً أي مشابها حاله في أعراضه تكبرا أو في تكبره حال من لم يسمعها وهو سامع، وفيه رمز إلى أن من سمعها لا يتصور منه التولية والاستكبار لما فيها من الأمور الموجبة للإقبال عليها والخضوع لها على طريقة قول الخنساء:
أيا شجر الخابور ما لك مورقا ... كأنك لم تجزع على ابن طريف
وكَأَنْ المخففة ملغاة لا حاجة إلى تقدير ضمير شأن فيها وبعضهم يقدره كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً أي صمما مانعا من السماع، وأصل معنى الوقر الجمل الثقيل استعير للصمم ثم غلب حتى صار حقيقة فيه. والجملة حال من ضمير لم يسمعها أو هي بدل منها بدل كل من كل أو بيان لها ويجوز أن تكون حالا من أحد السابقين، ويجوز أن تكون كلتا الجملتين مستأنفتين والمراد من الجملة الثانية الترقي في الذم وتثقيل كَأَنْ في الثانية كأنه لمناسبته للثقل في معناه، وقرأ نافع «في أذنيه» بسكون الذال تخفيفا فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ أي أعلمه أن العذاب المفرط في الإيلام لاحق به لا محالة، وذكر البشارة للتهكم إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بيان لحال المؤمنين بآياته تعالى إثر بيان حال الكافرين بها أي أن الذين آمنوا بآياته تعالى وعملوا بموجبها لَهُمْ بمقابلة ما ذكر من إيمانهم وعملهم جَنَّاتُ النَّعِيمِ أي النعيم الكثير وإضافة الجنات إليه باعتبار اشتمالها عليه نظير قولك: كتب الفقه.
وفي هذا إشارة إلى أن لهم نعيمها بطريق برهاني فهو أبلغ من لهم نعيم الجنات إذ لا يستدعي ذلك على أن تكون نفس الجنات ملكا لهم فقد يتنعم بالشيء غير مالكه، وقيل: في وجه الأبلغية إنه لجعل النعيم فيه أصلا ميزت به الجنات فيفيد كثرة النعيم وشهرته، وأيا ما كان فجنات النعيم هي الجنات المعروفة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال: جنات النعيم بين جنات الفردوس وبين جنات عدن وفيها جوار خلقن من ورد الجنة قيل: ومن يسكنها؟ قال: الذين هموا بالمعاصي فلما ذكروا عظمتي راقبوني والذين انثنت أصلابهم في خشيتي
، والله تعالى أعلم بصحة الخبر، والجملة خبر أن، قيل: والأحسن أن يجعل لَهُمْ هو الخبر لأن وجَنَّاتُ النَّعِيمِ مرتفعا به على الفاعلية، وقوله تعالى: خالِدِينَ فِيها حال من الضمير المجرور أو المستتر