للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكِتابِ والعامل فيها المضاف وهي حال مؤكدة وهي حال مؤكدة ومِنْ رَبِّ متعلق بتنزيل، ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف هو حال من الضمير المجرور في فِيهِ والعامل فيها الظرف لا رَيْبَ لأنه هنا مبني وفيه ما سمعت، وهذا التعليق يجوز أيضا على تقدير أن يكون الم خبر مبتدأ محذوف وما بعده أخبارا لذلك المحذوف، وإن جعل الم مسرودا على نمط التعديد فلا محل له من الإعراب، وفي إعراب ما بعد عدة أوجه، قال البقاء: يجوز أن يكون تَنْزِيلُ مبتدأ ولا رَيْبَ فِيهِ الخبر ومِنْ رَبِّ حال كما تقدم، ولا يجوز على هذا أن يتعلق بتنزيل لأن المصدر قد أخبر عنه، ويجوز أن يكون الخبر مِنْ رَبِّ ولا رَيْبَ حالا من الْكِتابِ وأن يكون خبرا بعد خبر انتهى.

ووجه منع التعليق بالمصدر بعد ما أخبر عنه أنه عامل ضعيف فلا يتعدى عمله لما بعد الخبر وعن التزام حديث التوسع في الظرف سعة هنا أو أن المتعلق من تمامه والاسم لا يخبر عنه قبل تمامه، وجوز ابن عطية تعلق مِنْ رَبِّ ريب وفيه أنه بعيد عن المعنى المقصود، وجوز الحوفي كون تَنْزِيلُ خبر مبتدأ محذوف أي المؤلف من جنس ما ذكر تنزيل الكتاب، وقال أبو حيان: الذي أختاره أن يكون تَنْزِيلُ مبتدأ ولا رَيْبَ فِيهِ اعتراض لا محل له من الإعراب ومِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ الخبر وضمير فِيهِ راجع لمضمون الجملة أعني كونه منزلا من رب العالمين لا للتنزيل ولا للكتاب كأنه قيل: لا ريب في ذلك أي في كونه منزلا من رب العالمين وهذا ما اعتمد عليه الزمخشري وذكر أنه الوجه ويشهد لوجاهته قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ فإن قولهم هذا مفترى إنكار لأن يكون من رب العالمين أي فالأنسب أن يكون نفي الريب عما أنكروه وهو كونه من رب العالمين جلّ شأنه، وقيل: أي فلا بد من أن يكون مورده حكما مقصودا بالإفادة لا قيد للحكم بنفي الريب عنه، وفيه بحث، وكذا قوله سبحانه: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فإن تقرير لما قبله فيكون مثله في الشهادة ثم قال في نظم الكلام على ذلك: إنه أسلوب صحيح محكم أثبت سبحانه أولا أن تنزيله من رب العالمين وإن ذلك مما لا ريب فيه أي لا مدخل للريب في أنه تنزيل الله تعالى وهو أبعد شيء منه لأن نافي الريب ومميطه معه لا ينفك أصلا عنه وهو كونه معجزا للبشر، ثم أضرب جلّ وعلا عن ذلك إلى قوله تعالى: «أم يقولون افتراه» لأن «أم» هي المنقطعة الكائنة بمعنى بل والهمزة إنكارا لقولهم وتعجيبا منه لظهور عجز بلغائهم عن مثل أقصر سورة منه فهو أما قول متعنت مكابر أو جاهل عميت منه النواظر، ثم أضرب سبحانه عن الإنكار إلى إثبات أنه الحق من ربك، وفي الكشف أن الزمخشري بين وجاهة كون تَنْزِيلُ الْكِتابِ مبتدأ ولا رَيْبَ فِيهِ اعتراضا ومِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ خبرا بحسن موقع الاعتراض إذ ذاك حسن الإنكار على الزاعم إنه مفتري مع وجود نافي الريب ومميطه ثم إثبات ما هو المقصود وعدم الالتفات إلى شغب هؤلاء المكابرة بعد التلخيص البليغ بقوله تعالى: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وما في إيثار لفظ الْحَقُّ وتعريفه تعريف الجنس من الحسن ويقرب عندي من هذا الوجه جعل تَنْزِيلُ مبتدأ وجملة لا رَيْبَ فِيهِ في موضع الحال من الْكِتابِ ومِنْ رَبِّ خبرا فتدبر ولا تغفل، وزعم أبو عبيدة أن أَمْ بمعنى بل الانتقالية وقال: إن هذا خروج من حديث إلى حديث وليس بشيء.

والظاهر أن مِنْ رَبِّكَ في موضع الحال أي كائنا من ربك، وقيل: يجوز جعله خبر ثانيا وإضافة الرب إلى العالمين أولا ثم إلى ضمير سيد المخاطبين صلى الله تعالى عليه وسلم ثانيا بعد ما فيه من حسن التخلص إلى إثبات النبوة وتعظيم شأنه علا شأنه فيه أنه عليه الصلاة والسلام العبد الجامع الذي جمع فيه ما فرق في العالم بالأسر، ووروده على أسلوب الترقي دلّ على أن جمعيته صلى الله تعالى عليه وسلم أتم مما لكل العالم وحق له ذلك صلوات الله تعالى وسلامه عليه لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ بيان للمقصود من تنزيله فقيل هو متعلق بتنزيل، وقيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>