بالسهام والمقارعة بالسيوف أو القتال الذي يقتضيه ذلك التحزب والاجتماع بحكم العادة.
وفي البحر ما هو ظاهر في أن المراد كفى الله المؤمنين مداومة القتال وعودته فإن قريشا هزموا بقوة الله تعالى وعزته عزّ وجلّ وما غزوا المسلمين بعد ذلك وإلّا فقد وقع قتال في الجملة وقتل من المشركين على ما روي عن ابن إسحاق ثلاثة نفر من بني عبد الدار بن قصي منبه بن عثمان بن عبيد بن السباق بن عبد الدار أصابه سهم فمات منه بمكة، ومن بني مخزوم بن يقظة نوفل بن عبد الله بن المغيرة اقتحم الخندق فتورط فيه فقتل، ومن بني عامر بن لؤي ثم من بني مالك بن حسل عمرو بن عبد ود نازله علي كرم الله تعالى وجهه كما علمت فقتله.
وروي عن ابن شهاب أنه رضي الله تعالى عنه قتل يؤمئذ ابنه حسل أيضا فيكون من قتل من المشركين أربعة واستشهد من المؤمنين بسبب هذه الغزوة سعد بن معاذ وأنس بن أويس بن عتيك وعبد الله بن سهل وهم من بني عبد الأشهل، والطفيل بن النعمان، وثعلبة بن عثمة وهما من بني جشم بن الخزرج من بني سلمة، وكعب بن زيد وهو من بني النجار ثم من بني دينار أصابه سهم غرب فقتله، قال ابن إسحاق: ولم يستشهد إلّا هؤلاء الستة رضي الله تعالى عنهم وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا على إحداث كل ما يريد جل شأنه عَزِيزاً غالبا على كل شيء وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ أي عاونوا الأحزاب المردودة مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وهم بنو قريظة عند الجمهور، وعن الحسن أنهم بنو النضير وعلى الأول المعول مِنْ صَياصِيهِمْ أي من حصونهم جمع صيصية وهي كل ما يمتنع به ويقال لقرن الثوار والظباء ولشوكة الديك التي في رجله كالقرن الصغير، وتطلق الصياصي على الشوك الذي للنساجين ويتخذ من حديد قاله أبو عبيدة وأنشد لدريد بن الصمة الجشمي:
نظرت إليه والرماح تنوشه ... كوقع الصياصي في النسيج الممدد
وتطلق على الأصول أيضا قال: أبو عبيدة إن العرب تقول جذ الله تعالى صئصئه أي أصله.
وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ أي الخوف الشديد بحيث أسلموا فيهم للقتل وأهليهم وأولادهم للأسر حسبما ينطق به قوله تعالى: فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً أي من غير أن يكون من جهتهم حراك فضلا عن المخالفة والاستعصاء. وفي البحر أن قذف الرعب سبب لإنزالهم ولكن قدم المسبب لما أن السرور بإنزالهم أكثر والإخبار به أهم، وقدم مفعول تَقْتُلُونَ لأن القتل وقع على الرجال وكانوا مشهورين وكان الاعتناء بحالهم أهم ولم يكن في المأسورين هذا الاعتناء بل الاعتناء هناك بالأسر أشد، ولو قيل: وفريقا تأسرون لربما ظن قبل سماع تأسرون أنه يقال بعد تهزمون: أو نحو ذلك، وقيل: قدم المفعول في الجملة الأولى لأن مساق الكلام لتفصيله وأخر في الثانية لمراعاة الفواصل، وقيل التقديم لذلك وأما التأخير فلئلا يفصل بين القتل وأخيه وهو الأسر فاصل، وقيل: غوير بين الجملتين في النظم لتغاير حال الفريقين في الواقع فقد قدم أحدهما فقتل وأخر الآخر فأسروا وقرأ ابن عامر والكسائي «الرّعب» بضم العين وقرأ أبو حيوة «تأسرون» بضم السين، وقرأ اليماني «يأسرون» بياء الغيبة وقرأ ابن أنس عن ابن ذكوان بها فيه وفي يقتلون ولا يظهر لي وجه وجيه لتخصيص الاسم بصيغة الغيبة فتأمل، وتفصيل القصة على سبيل الاختصار إنه لما كانت صبيحة الليلة التي انهزم فيها الأحزاب أو ظهر يوم تلك الليلة على ما
في بعض الروايات وقد رجع رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم والمسلمون إلى داخل المدينة أتى جبريل عليه السلام معتجرا بعمامة إستبرق على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عند زينب بنت جحش تغسل رأسه الشريف وقد غسلت شقه فقال: أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال: عفا الله تعالى عنك ما وضعت الملائكة عليهم السلام السلاح بعد وما رجعت إلّا الآن من طلب القوم وإن الله تعالى يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وإني عامد إليهم فمزلزل