في صغره وقد ثبت في الصغر لعيسى ويحيى عليهما السّلام، ثم نقل عن السبكي كلاما في
حديث «كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد»
حاصله أن حقيقته عليه الصلاة والسّلام قد تكون من قبل آدم آتاها الله تعالى النبوة بأن خلقها مهيأة لها وأفاضها عليها من ذلك الوقت وصار نبيا ثم قال: وبه يعلم تحقيق نبوة سيدنا إبراهيم في حال صغره اهـ وفيه بحث.
وخبر أنه عليه الصلاة والسّلام أدخل يده في قبره بعد دفنه وقال:«أما والله إنه لنبي ابن نبي»
في سنده من ليس بالقوي فلا يعول عليه ليتكلف لتأويله، والخاتم اسم آلة لما يختم به كالطابع لما يطبع به فمعنى خاتم النبيين الذي ختم النبيون به ومآله آخر النبيين، وقال المبرد:«خاتم» فعل ماض على فاعل وهو في معنى ختم النبيين فالنبيين منصوب على أنه مفعول به وليس بذاك وقرأ الجمهور «وخاتم» بكسر التاء على أنه اسم فاعل أي الذي ختم النبيين، والمراد به آخرهم أيضا، وفي حرف ابن مسعود ولكن نبيا ختم النبيين، والمراد بالنبي ما هو أعم من الرسول فيلزم من كونه صلّى الله عليه وسلم خاتم النبيين كونه خاتم المرسلين والمراد بكونه عليه الصلاة والسّلام خاتمهم انقطاع حدوث وصف النبوة في أحد من الثقلين بعد تحليه عليه الصلاة والسّلام بها في هذه النشأة.
ولا يقدح في ذلك ما أجمعت الأمة عليه واشتهرت فيه الأخبار ولعلها بلغت مبلغ التواتر المعنوي ونطق به الكتاب على قول ووجب الإيمان به وأكفر منكره كالفلاسفة من نزول عيسى عليه السّلام آخر الزمان لأنه كان نبيا قبل تحلي نبينا صلّى الله عليه وسلم بالنبوة في هذه النشأة ومثل هذا يقال في بقاء الخضر عليه السّلام على القول بنبوته وبقائه، ثم إنه عليه السّلام حين ينزل باق على نبوته السابق لم يعزل عنها قال لكنه لا يتعبد بها لنسخها في حقه وحق غيره وتكليفه بأحكام هذه الشريعة أصلا وفرعا فلا يكون إليه عليه السّلام وحي ولا نصب أحكام بل يكون خليفة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم وحاكما من حكام ملته بين أمته بما علمه في السماء قبل نزوله من شريعته عليه الصلاة والسّلام كما في بعض الآثار أو ينظر في الكتاب والسنّة وهو عليه السّلام لا يقصر عن رتبة الاجتهاد المؤدي إلى استنباط ما يحتاج إليه أيام مكثه في الأرض من الأحكام وكسره الصليب وقتله الخنزير ووضعه الجزية وعدم قبولها مما علم من شريعتنا صوابيته في
قوله صلّى الله عليه وسلم (١) : «إن عيسى ينزل حكما عدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية»
فنزوله عليه السّلام غاية لا قرار الكفار ببذل الجزية على تلك الأحوال ثم لا يقبل إلا الإسلام لا نسخ لها قاله شيخ الإسلام إبراهيم اللقاني في هداية المريد لجوهرة التوحيد، وقوله: إنه عليه السّلام حين ينزل باق على نبوته السابقة لم يعزل عنه بحال لكنه لا يتعبد بها إلخ أحسن من قول الخفاجي الظاهر أن المراد من كونه على دين نبينا صلّى الله عليه وسلم انسلاخه عن وصف النبوة والرسالة بأن يبلغ ما يبلغه عن الوحي وإنما يحكم بما يتلقى عن نبينا عليه الصلاة والسّلام ولذا لم يتقدم لأمامة الصلاة مع المهدي ولا أظنه عنى بالانسلاخ عن وصف النبوة والرسالة عزله عن ذلك بحيث لا يصح إطلاق الرسول والنبي عليه عليه السّلام فمعاذ الله أن يعزل رسول أو نبي عن الرسالة أو النبوة بل أكاد لا أتعقل ذلك، ولعله أراد أنه لا يبقى له وصف تبليغ الأحكام عن وحي كما كان له قبل الرفع فهو عليه السّلام نبي رسول قبل الرفع وفي السماء وبعد النزول وبعد الموت أيضا، وبقاء النبوة والرسالة بعد الموت في حقه وحق غيره من الأنبياء والمرسلين عليهم السّلام حقيقة مما ذهب إليه غير واحد فإن المتصف بهما وكذا بالإيمان هو الروح وهي باقية لا تتغير بموت البدن، نعم ذهب الأشعري كما قال النسفي إلى أنهما بعد الموت باقيان حكما، وما أفاده كلام اللقاني من أنه عليه السّلام يحكم بما علم في السماء قبل نزوله من الشريعة قد أفاده السفاريني في البحور الزاخرة وهو الذي أميل له، وأما أنه يجتهد ناظرا في الكتاب والسنّة فبعيد وإن كان عليه