باسم ونسب كما إذا قال: فلانة بنت فلان التي أتزوجها فهي طالق أو بإشارة في الحاضرة كما لو قال: هذه المرأة التي أتزوجها طالق فإنها لا تطلق في الصورتين لتعريفها فلغا الوصف بالتي أتزوجها فصار كأنه قال: فلانة بنت فلان أو هذه المرأة طالق وهي أجنبية ولم توجد الإضافة إلى الملك فلا يقع الطلاق إذا تزوجها فتدبر.
وقرىء «تماسوهن» بضم التاء وألف بعد الميم، وعن ابن كثير وغيره من أهل مكة «تعتدونها» بتخفيف الدال ونقلها عن ابن كثير بن خالويه وأبو الفضل الرازي في اللوامح عنه وعن أهل مكة، وقال ابن عطية: روى ابن أبي بزة عن ابن كثير أنه قرأ بتخفيف الدال من العدوان كأنه قال: فما لكم عدة تلزمونها عدوانا وظلما لهن، والقراءة الأولى أشهر عنه وتخفيف الدال وهم من ابن أبي بزة اهـ، وليس بوهم إذ قد نقله عنه جماعة غيره، وخرج ذلك على أن تَعْتَدُّونَها من الاعتداء بمعنى الظلم كما في قوله تعالى: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا [البقرة: ٣١] والمراد تعتدون فيها كقوله:
ويوما شهدناه سليما وعامرا ... قليل سوى طعن الدراك نوافله
أي شهدنا فيه فحذف حرف الجر ووصل الفعل بالضمير، وقال أبو حيان: إن الاعتداء يتعدى بعلى فالمراد تعتدون عليهن فيها، ونظيره في حذف على قوله:
تحن فتبدي ما بها من صبابة ... وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني
فإنه أراد لقضي عليّ، وجوز أن يكون ذلك على إبدال أحد الدالين بالتاء، وقيل عليه: إنه تخريج غير صحيح لأن عد يعد من باب نصر كما في كتب اللغة فلا وجه لفتح التاء لو كانت مبدلة من الدال فالظاهر حمله على حذف إحدى الدالين تخفيفا، وقرأ الحسن بإسكان العين كغيره وتشديد الدال جمعا بين الساكنين فَمَتِّعُوهُنَّ أي فأعطوهن المتعة وهي في المشهور درع أي قميص وخمار وهو ما تغطي به المرأة رأسها وملحفة وهي ما تلتحف به من قرنها إلى قدمها ولعلها ما يقال له إزار اليوم، وهذا على ما في البدائع أدنى ما تكسى به المرأة وتتستر عند الخروج.
ويفهم من كلام فخر الإسلام والفاضل البر جندي أنه يعتبر عرف كل بلدة فيما تكسى به المرأة عند الخروج، والمفتى به الأشبه بالفقه قول الخصاف إنها تعتبر بحالهما فإن كانا غنيين فلها الأعلى من الثياب أو فقيرين فالأدنى أو مختلفين فالوسط، وتجب لمطلقة قبل الوطء والخلوة عند معتبرها لم يسم لها في النكاح تسمية صحيحة من كل وجه مهر ولا تزيد على نصف مهر المثل ولا تنقص عن خمسة دراهم فإن ساوت النصف فهي الواجبة وأن كان النصف أقل منها فالواجب الأقل إلا أن ينقص عن خمسة دراهم فيكمل لها الخمسة. وفي البدائع لو دفع لها قيمة المتعة أجبرت على القبول، فمعنى الآية على ما سمعت وكان الأمر للوجوب فمتعوهن إن لم يكن مفروضا لهن في النكاح وروي هذا عن ابن عباس، وأما المفروض لها فيه إذا طلقت قبل المس فالواجب لها نصف المفروض لا غير.
وأما المتعة فهي على ما في المبسوط والمحيط وغيرهما من المعتبرات مستحبة، وعلى ما في بعض نسخ القدوري ومشى عليه صاحب الدرر غير مستحبة أيضا والأرجح أنها مستحبة، وفي قول الشافعي القديم أنها واجبة كما في صورة عدم الفرض، وجوز أن تبقى الآية على ظاهرها ويكون المراد ذكر حكم المطلقة قبل المس سواء فرض لها في النكاح أم لم يفرض ويراد بالمتعة العطاء مطلقا فيعم نصف المفروض والمتعة المعروفة في الفقه ويكون الأمر للوجوب أيضا أو يراد بالمتعة معناها المعروف ويحمل الأمر على ما يشمل الوجوب والندب.
وادعى سعيد بن المسيب كما أخرج عبد بن حميد أن الآية منسوخة بآية: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ