للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه ليس هكذا يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام «إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي»

وفي خبر أخرجه أحمد وابن أبي شيبة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفة

ويأتيك من لم تزود بالأخبار.

وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن الحسن أنه صلّى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت:

كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا

فقال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله ما علمك الشعر وما ينبغي لك،

وأخرج ابن سعيد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس: أرأيت قولك:

أتجعل نهبي ونهب العبي د بين الأقرع وعيينة فقال له أبو بكر: رضي الله تعالى عنه بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أنت بشاعر ولا راوية ولا ينبغي لك إنما قال بين عيينة والأقرع،

وروي أنه قيل له عليه الصلاة والسلام: من أشعر الناس؟ فقال: الذي يقول:

ألم ترياني كلما جئت طارقا وجدت بها وإن لم تطيب طيبا

وأخرج البيهقي في سننه بسند فيه مجهول عن عائشة قالت ما جمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيت شعر قط إلا بيتا واحدا:

تفاءل بما تهوى يكن فلقلما يقال لشيء كان إلا تحقق

قالت عائشة ولم يقل تحققا لئلا يعربه فيصير شعرا، ثم إنه عليه الصلاة والسلام مع هذا لم يكن يحب الشعر ففي مسند أحمد بن حنبل عن عائشة قالت: كان أبغض الحديث إليه صلّى الله عليه وسلم الشعر،

وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلىء شعرا»

وهذا ظاهر في ذم الإكثار منه، وما

روي عن الخليل أنه قال كان الشعر أحب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم من كثير من الكلام

مناف لما سمعت عن المسند، ولعل الجمع بالتفصيل بين شعر وشعر، وقد تقدم الكلام في الشعر مفصلا في سورة الشعراء فتذكر.

إِنْ هُوَ أي ما القرآن إِلَّا ذِكْرٌ أي عظة من الله عز وجل وإرشاد للثقلين كما قال سبحانه: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ [يوسف: ١٠٤، ص: ٨٧، التكوير: ٢٧] وَقُرْآنٌ مُبِينٌ أي كتاب سماوي ظاهر أنه ليس من كلام البشر لما فيه من الإعجاز الذي ألقم من تصدي للمعارضة الحجر لِيُنْذِرَ أي القرآن أو الرسول عليه الصلاة والسلام، ويؤيده قراءة نافع وابن عامر «لتنذر» بتاء الخطاب. وقرأ اليماني «لينذر» مبنيا للمفعول ونقلها ابن خالويه عن الجحدري وقال: عن أبي السمال واليماني أنهما قرءا «لينذر» بفتح الياء والذال مضارع نذر بالشيء بكسر الذال إذا علم به.

مَنْ كانَ حَيًّا أي عاقلا كما أخرج ذلك ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن الضحاك، وفيه استعارة مصرحة بتشبيه العقل بالحياة أو مؤمنا بقرينة مقابلته بالكافرين، وفيه أيضا استعارة مصرحة لتشبيه الإيمان بالحياة، ويجوز كونه مجازا مرسلا لأنه سبب للحياة الحقيقية الأبدية، والمضي في كانَ باعتبار ما في علمه عز وجل لتحققه، وقيل كان بمعنى يكون، وقيل في الكلام مجاز المشارفة ونزلت منزلة المضي وهو كما ترى، وتخصيص الإنذار به لأنه المنتفع بذلك وَيَحِقَّ الْقَوْلُ أي تجب كلمة العذاب عَلَى الْكافِرِينَ الموسومين بهذا الوسم المصرين على الكفر، وفي إيرادهم بمقابلة من كان حيا إشعار بأنهم لخلوهم عن آثار الحياة وأحكامها كالمعرفة أموات في الحقيقة، وجوز أن يكون في الكلام استعارة مكنية قرينتها استعارة أخرى. وكأنه جيء بقوله سبحانه لِيُنْذِرَ إلخ رجوعا إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>