للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَطِفَ إلخ ينادي على صحته، والمناقشة بحديث الأوصاف قبل العلم بها أخبار إن جاءت لا تتم فالحديث غير مطرد، وقيل: إن الأصل لأن لا يسمعوا على أن الجار متعلق بحفظا فحذفت اللام كما في جئتك أن تكرمني ثم حذفت أن ورفع الفعل كما في قوله:

ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي

وفيه أن حذف اللام وحذف أن ورفع الفعل وإن كان كل منهما واقعا في الفصيح إلا أن اجتماع الحذفين منكر يصان كلام الله تعالى عنه. وأبو البقاء يجوز كون الجملة صفة وكونها استئنافا وكونها حالا فلا تغفل.

وَيُقْذَفُونَ أي يرمون ويرجمون مِنْ كُلِّ جانِبٍ من جوانب السماء إذا قصدوا الصعود إليها، وليس المراد أن كل واحد يرمى من كل جانب بل هو على التوزيع أي كل من صعد من جانب رمي منه.

وقرأ محبوب عن أبي عمرو «يقذفون» بالبناء للفاعل ولعل الفاعل الملائكة، وجوز أن يكون الكواكب، وأمر ضمير العقلاء سهل، وقوله تعالى دُحُوراً مفعول له وعلة للقذف أي للدحور وهو الطرد والإبعاد أو مفعول مطلق ليقذفون كقعدت جلوسا لتنزيل المتلازمين منزلة المتحدين فيقام دحورا مقام قذفا أو يُقْذَفُونَ مقام يدحرون، وعلى التقديرين هو مصدر مؤكد أو حال من ضمير يُقْذَفُونَ على أنه مصدر باسم المفعول على القراءة الشائعة وهو في معنى الجمع لشموله للكثير أي مدحورين، وجوز كونه جمع داحر بمعنى مدحور كقاعد وقعود، وكونه جمع داحر من غير تأويل بناء على القراءة الأخرى، وجوز أن يكون منصوبا بنزع الخافض وهو الباء على أنه جمع دحر كدهر ودهور وهو ما يدحر به أي يقذفون بدحور.

وقرأ السلمي وابن أبي عبلة والطبراني عن أبي جعفر «دحورا» بفتح الدال

فاحتمل كونه نصبا بنزع الخافض أيضا وهو على هذه القراءة أظهر لأن فعولا بالفتح بمعنى ما يفعل به كثير كطهور وغسول لما يتطهر ويغسل به، واحتمل أن يكون صفة كصبور لموصوف مقدر أي قذفا دحورا طاردا لهم، وأن يكون مصدرا كالقبول وفعول في المصادر نادر ولم يأت في كتب التصريف منه إلا خمسة أحرف الوضوء والطهور والولوع والوقود والقبول كما حكي عن سيبويه وزيد عليه الوزوع بالزاي المعجمة والهوى بفتح الهاء بمعنى السقوط والرسول بمعنى الرسالة. وَلَهُمْ أي في الآخرة عَذابٌ آخر غير ما في الدنيا من عذاب الرجم بالشهب واصِبٌ أي دائم كما قال قتادة وعكرمة وابن عباس وأنشدوا لأبي الأسود:

لا أشتري الحمد القليل بقاؤه ... يوما بذم الدهر أجمع واصبا

وفسره بعضهم بالشديد، قيل والأول حقيقة معناه وهذا تفسير له بلازمه. والآية على ما سمعت كقوله تعالى:

وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ [الملك: ٥] وجوز أبو حيان أن يكون هذا العذاب في الدنيا وهو رجمهم دائما وعدم بلوغهم ما يقصدون من استراق السمع إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ استثناء متصل من واو يَسَّمَّعُونَ ومَنْ بدل منه على ما ذكره الزمخشري ومتابعوه، وقال ابن مالك: إذا فصل بين المستثنى والمستثنى منه فالمختار النصب لأن الإبدال للتشاكل وقد فات بالتراخي، وذكره في البحر هنا وجها ثانيا، وقيل: هو منقطع على أن مَنْ شرطية جوابها الجملة المقرونة بالفاء بعد وليس بذاك، والخطف الاختلاس والأخذ بخفة وسرعة على غفلة المأخوذ منه، والمراد اختلاس كلام الملائكة مسارقة كما يعرف عنه تعريف الخطفة بلام العهد لأن المراد بها أمر معين معهود فهي نصب على المصدرية، وجوز أن تكون مفعولا به على إرادة الكلمة. وقرأ الحسن وقتادة «خطّف» بكسر الخاء والطاء مشددة، قال أبو حاتم: ويقال هي لغة بكر بن وائل وتميم بن مر والأصل اختطف فسكنت التاء للإدغام وقبلها خاء ساكنة

<<  <  ج: ص:  >  >>