الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ أي من النفوس البرة والفاجرة بِما كَسَبَتْ أي من خير أو شر لا ظُلْمَ الْيَوْمَ بنقص الثواب وزيادة العقاب إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ أي سريع حسابه إذ لا يشغله سبحانه شأن عن شأن فيصل إلى المحاسب من النفوس ما يستحقه سريعا. روي عن ابن عباس أنه تعالى إذا أخذ في حسابهم لم يقل أهل الجنة إلا فيها ولا أهل النار إلا فيها من تتمة الجواب جيء به لبيان إجمال فيه، والتذييل لتعليل ما قبله.
والمنادي بذلك سؤالا وجوابا واحد.
أخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال:«يجمع الله تعالى الخلق يوم القيامة بصعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله تعالى فيها قط ولم يخطأ فيها فأول ما يتكلم أن ينادي مناد لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ فأول ما يبدؤون به من الخصومات الدماء» الحديث
، وهو عند الحسن الله نفسه عزّ وجلّ، وقيل: ملك، وقيل: السائل هو الله تعالى أو ملك والمجيب الناس.
وذكر الطيبي تقريرا لعبارة الكشاف أن قوله تعالى: الْيَوْمَ تُجْزى إلخ تعليل فيجب أن يكون السائل والمجيب هو الله عزّ وجلّ، فإنه سبحانه لما سأل لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ وأجاب هو سبحانه بنفسه لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ كان المقام موقع السؤال وطلب التعليل فأوقع الْيَوْمَ تُجْزى جوابا عنه يعني إنما اختص الملك به تعالى لأنه وحده يقدر على مجازاة كل نفس بما كسبت وله العدل التام فلا يظلم أحدا وله التصرف فلا يشغله شأن عن شأن