للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخامس مرآة الغيب ويسمى السويداء والسادس مثوى المحبة ويسمى الشغاف والسابع مورد التجلي ومركز الأسرار ومهبط الأنوار ويسمى الحبة فِي يَوْمَيْنِ يومي الروح الإنساني والإلهام وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وهي أنوار الاذكار والطاعات إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ يوم خوطبوا بأ لست بربكم؟ ثُمَّ اسْتَقامُوا على إقرارهم لما خرجوا إلى عالم الصور ولم ينحرفوا عن ذلك كالمنافقين والكافرين، وذلك أن الاستقامة متفاوتة فاستقامة العوام في الظاهر بالأوامر والنواهي وفي الباطن بالإيمان واستقامة الخواص في الظاهر بالرغبة عن الدنيا وفي الباطن بالرغبة عن الجنان شوقا إلى الرحمن واستقامة خواص الخواص في الظاهر برعاية حقوق المبايعة بتسليم النفس والمال وفي الباطن بالفناء والبقاء تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ تنزلا متفاوتا حسب تفاوت مراتبهم، وعن بعض أئمة أهل البيت أن الملائكة لتزاحمنا بالركب أو ما هذا معناه وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ هي أيضا متفاوتة فمنهم من يبشر بالجنة المعروفة ومنهم من يبشر بجنة الوصال ورؤية الملك المتعال وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ بترك ما سواه وَعَمِلَ صالِحاً لئلا يخالف حاله قاله وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ المنقادين لحكمه تعالى الراضين بقضائه وقدره، وفيه إشارة إلى صفات الشيخ المرشد وما ينبغي أن يكون عليه ويحق أن يقال في كثير من المتصدين للإرشاد في هذا الزمان المتلاطمة أمواجه بالفساد:

خلت الرقاع من الرخاخ ... وتفرزنت فيها البيادق

وتصاهلت عرج الحمير ... وذاك من عدم السوابق

وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وهي التوجه إلى الله تعالى بصدق الطلب وخلوص المحبة وَلَا السَّيِّئَةُ وهي طلب السوي والرضا بالدون ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وهي طلب الله تعالى ما سواه سبحانه فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ وهو النفس الأمارة بالسوء كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ لتزكي النفس عن صفاتها الذميمة وانفطامها عن المخالفات القبيحة وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ

لتميل إلى ما يهوى فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ وارجع إليه سبحانه لئلا يؤثر فيك نزغه، وفيه إشارة إلى أنه لا ينبغي الأمن من المكر والغفلة عن الله عزّ وجلّ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا فيه إشارة إلى سوء المنكرين على الأولياء فإنهم من آيات الله تعالى والإنكار من الإلحاد نسأل الله تعالى العفو والعافية قُلْ هُوَ أي القرآن لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ على حسب مراتبهم فمنهم من يهديه إلى شهود الملك العلام فعن الصادق على آبائه وعليه السلام لقد تجلى الله تعالى في كتابه لعباده ولكن لا يبصرون سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ فيه إشارة إلى أن الخلق لا يرون الآيات إلا بإراءته عزّ وجلّ وهي كشف الحجب ليظهر أن الإيمان ما شمت رائحة الوجود ولا تشمه أبدا وأنه عزّ وجلّ هو الأول والآخر والظاهر والباطن كان الله ولا شيء معه وهو سبحانه الآن على ما عليه كان وإليه الإشارة عندهم بقوله تعالى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ومن هنا قال الشيخ الأكبر قدس سره:

ما آدم في الكون ما إبليس ... ما ملك سليمان وما بلقيس

الكل إشارة وأنت المعنى ... يا من هو للقلوب مغناطيس

وأكثر كلامه قدس سره من هذا القبيل بل هو أم وحدة الوجود وأبوها وابنها وأخوها، وإياك أن تقول كما قال ذلك الأجل حتى تصل بتوفيق الله تعالى إلى ما إليه وصل والله عزّ وجلّ الهادي إلى سواء السبيل، تم الكلام على السورة والحمد لله على جزيل نعمائه والصلاة والسلام على رسوله محمد مظهر أسمائه وعلى آله وأصحابه وسائر أتباعه وأحبائه وصلاة وسلاما باقيين إلى يوم لقائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>