ركب أصحابنا أهل السنة سفينة حب آل محمد صلّى الله عليه وسلّم ووضعوا أبصارهم على نجوم الصحابة يرجون أن يفوزوا بالسلامة والسعادة في الدنيا والآخرة انتهى، والكثير من الناس في حق كل من الآل والأصحاب في طرفي التفريط والإفراط وما بينهما هو الصراط المستقيم، ثبتنا الله تعالى على ذلك الصراط.
وقال عبد الله بن القاسم: المعنى لا أسألكم عليه أجرا إلا أن يود بعضكم بعضا وتصلوا قراباتكم، وأمر فِي والاستثناء لا يخفى.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أن المعنى لا أسألكم عليه أجرا إلا التقرب إلى الله تعالى بالعمل الصالح فالقربى بمعنى القرابة وليس المراد قرابة النسب قيل: ويجري في الاستثناء الاتصال والانقطاع، واستظهر الخفاجي أنه منقطع وأنه على نهج قوله:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم البيت، وأراه على القول قبله كذلك.
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما «إلا مودة في القربى» هذا ومن الشيعة من أورد الآية في مقام الاستدلال على إمامة علي كرم الله تعالى وجهه
قال علي كرم الله تعالى وجهه: واجب المحبة وكل واجب المحبة واجب الطاعة وكل واجب الطاعة صاحب الإمامة
ينتج علي رضي الله تعالى عنه صاحب الإمامة وجعلوا الآية دليل الصغرى، ولا يخفى ما في كلامهم هذا من البحث، أما أولا فلأن الاستدلال بالآية على الصغرى لا يتم إلا على القول بأن معناها لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوا قرابتي وتحبوا أهل بيتي وقد ذهب الجمهور إلى المعنى الأول، وقيل في هذا المعنى: إنه لا يناسب شأن النبوة لما فيه من التهمة فإن أكثر طلبة الدنيا يفعلون شيئا ويسألون عليه ما يكون فيه نفع لأولادهم وقراباتهم، وأيضا فيه منافاة ما لقوله تعالى: وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ [يوسف: ١٠٤] وأما ثانيا فلأنا لا نسلم أن كل واجب المحبة واجب الطاعة فقد ذكر ابن بابويه في كتاب الاعتقادات أن الإمامية أجمعوا على وجوب محبة العلوية مع أنه لا يجب طاعة كل منهم، وأما ثالثا فلأنا لا نسلم أن كل واجب الطاعة صاحب الإمامة أي الزعامة الكبرى وإلا لكان كل نبي في زمنه صاحب ذلك ونص إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً [البقرة: ٢٤٧] يأبى ذلك، وأما رابعا فلأن الآية تقتضي أن تكون الصغرى أهل البيت واجبو الطاعة ومتى كانت هذه صغرى قياسهم لا ينتج النتيجة التي ذكروها ولو سلمت جميع مقدماته بل ينتج أهل البيت صاحبو الإمامة وهم لا يقولون بعمومه إلى غير ذلك من الأبحاث فتأمل ولا تغفل.
وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً أي يكتسب أي حسنة كانت، والكلام تذييل، وقيل المراد بالحسنة المودة في قربى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وروي ذلك عن ابن والسدي، وأن الآية نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه لشدة محبته لأهل البيت، وقصة فدك. والعوالي لا تأبى ذلك عند من له قلب سليم، والكلام عليه تتميم، ولعل الأول أولى، وحب آل الرسول عليه الصلاة والسلام من أعظم الحسنات وتدخل في الحسنة هنا دخولا أوليا نَزِدْ لَهُ فِيها أي في الحسنة حُسْناً بمضاعفة الثواب عليها فإنها يزاد بها حسن الحسنة، ففي للظرفية وحُسْناً مفعول به أو تمييز، وقرأ زيد بن علي وعبد الوارث عن أبي عمرو وأحمد بن جبير عن الكسائي «يزد» بالياء أي يزد الله تعالى. وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو «حسنى» بغير تنوين وهو مصدر كبشرى أو صفة لموصوف مقدر أي صفة أو خصلة حسنى إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ساتر ذنوب عباده شَكُورٌ مجاز من أطاع منهم بتوفية الثواب والتفضل عليه بالزيادة، وقال السدي: غفور لذنوب آل محمد صلّى الله عليه وسلّم شكور لحسناتهم.