موتا وجوز أن يكون سَواءً
حالا من الضمير في الكاف بناء على ما سمعت من معناها.
وتعقب بأنها اسم جامد على صورة الحرف فلا يصح استتار الضمير فيها وقد صرح الفارسي بمنع ذلك، نعم يجوز أن يكون كَالَّذِينَ
جارا ومجرورا في موضع المفعول الثاني وسَواءً
حالا من الضمير المستتر فيه، وقيل:
يجوز أيضا كونه حالا من ضمير نجعلهم وكذا يجوز كونه المفعول الثاني، وكون الكاف أو الجار والمجرور حالا من هذا الضمير، وما ذكر أولا أظهر وأولى، وجوز كون ضمير الجمع في مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ
للمؤمنين فسواء حال من الموصول الثاني ولا يجوز أن يكون حالا من الضمير في كَالَّذِينَ
لفساد المعنى وكون الضمير للفريقين فسواء حال من مجموع الموصول الثاني وضمير الأول، والمعنى على إنكار حسبان أن يستوي الفريقان بعد الممات في الكرامة أو ترك المؤاخذة كما استويا ظاهرا في الرزق والصحة في الحياة، وجوز أن يكون المعنى على إنكار حسبان جعل الحياتين مستويتين لأن المؤمنين على الطاعة وأولئك على المعاصي وكذلك الموتان لأنهم ملقون بالبشرى والرضوان وأولئك بالسوء والخذلان، وقيل: به على تقدير كون الضمير للمجترحين أيضا.
ولم يجوز المدقق الإبدال من الكاف على تقدير اشتراك الضمير إذ المثل هو المشبه وسَواءً
جار على المشبه والمشبه به.
وقرأ جمهور القراء سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ
برفع سواء وما بعده على أن سواء خبر مقدم وما بعده مبتدأ لا العكس لأن سواء نكرة ولا مسوغ للابتداء بها والضمير للمجترحين، والجملة قيل: بدل من المفعول الثاني لنجعل بدل كل من كل أو بدل اشتمال أو بدل بعض، وأيا ما كان ففيه إبدال الجملة من المفرد وقد أجازه أبو الفتح واختاره ابن مالك، وأورد عليه شواهد، قال أبو حيان: لا يتعين فيها البدل، وقال محمد بن عبد الله الاشبيلي المعروف بابن العلج في كتابه البسيط في النحو: لا يصح أن تكون جملة معمولة للأول في موضع البدل فإن كانت غير معمولة فهل تكون جملة بدلا من جملة لا يبعد عندي جواز ذلك كالعطف والتأكيد اللفظي.
وظاهره أنه لا يجوز الإبدال هاهنا، وفي البحر يظهر لي أنه لا يجوز إبدال هذه الجملة من ذلك المفعول لأن الجعل بمعنى التصيير ولا يجوز صيرت زيدا أبوه قائم ولا صيرت زيدا غلامه منطلق لأن في ذلك انتقالا من ذات إلى ذات أو من وصف في الذات إلى وصف آخر فيها وليس في تلك الجملة المقدرة مفعولا ثانيا انتقال مما ذكرنا وفيه بحث لا يخفى، والزمخشري قد نص على جعل الجملة بدلا من الكاف وهو إمام في العربية، لكن أفاد صاحب الكشف أنه أراد أنه بدل من حيث المعنى لا أنه بدل من ذاك لفظا قال: لأنه مفرد دال على الذات باعتبار المعنى وهذا دال على المعنى وإن كان الذات يلزم من طريق الضرورة إلا أن يقدر له موصوف محذوف بأن يقدر رجالا سواء محياهم ومماتهم مثلا، والمعنى على البدلية كما سمعت في قراءة النصب، وجوز كون الجملة مفعولا ثانيا وكَالَّذِينَ
حال من ضمير نَجْعَلَهُمْ
ولا يخفى عليك ما علي وما له، وإذا كان الضمير للمؤمنين فالجملة قيل:
حال من الموصول الثاني لا من الضمير في المفعول الثاني للفساد، وتعقب بأن فيه اكتفاء الاسمية الحالية بالضمير وهو غير فصيح على ما قيل: وقيل: استئناف يبين المقتضي للإنكار على حسبان التماثل وهو أن المؤمنين سواء حالهم عند الله تعالى في الدارين بهجة وكرامة فكيف يماثلهم المجترحون، وجوز أن تكون بيانا لوجه الشبه المجمل، وإذا كان الضمير للفريقين فالظاهر أن الجملة كلام مستأنف غير داخل في حكم الإنكار والتساوي حينئذ بين حال المؤمنين بالنسبة إليهم خاصة وحال المجترحين كذلك وتكون الجملة تعليلا للإنكار في المعنى دالا على عدم المماثلة لا في الدنيا ولا في الآخرة لأن المؤمنين متساوو المحيا والممات في الرحمة وأولئك متساوو المحيا