مما يقضي منه العجب، وأبو حيان جعل أرأيت بمعنى أخبرني وقال: المفعول الأول من اتَّخَذَ والثاني محذوف يقدر بعد الصلات أي أيهتدي بدليل «فمن يهديه» والآية نزلت على ما روي عن مقاتل في الحارث بن قيس السهمي كان لا يهوى شيئا إلا ركبه، وحكمها عام وفيها من ذم اتباع هوى النفس ما فيها، وعن ابن عباس ما ذكر الله تعالى هوى إلا ذمه.
وقال وهب: إذا شككت في خير أمرين فانظر أبعدهما من هواك فأته، وقال سهل التستري: هواك داؤك فإن خالفته فدواؤك،
وفي الحديث «العاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله تعالى» .
وقال أبو عمران موسى بن عمران الاشبيلي الزاهد:
فخالف هواها واعصها إن من يطع ... هوى نفسه ينزع به شر منزع
ومن يطع النفس اللجوجة ترده ... وترم به في مصرع أي مصرع
وقد ذم ذلك جاهلية أيضا، ومنه قول عنترة:
إني امرؤ سمح الخليقة ماجد ... لا أتبع النفس اللجوج هواها
ولعل الأمر غني عن تكثير النقل.
وقرأ الأعرج وأبو جعفر «إلهة» بتاء التأنيث بدل هاء الضمير، وعن الأعرج أنه قرأ «آلهة» بصيغة الجمع.
قال ابن خالويه: كان أحدهم يستحسن حجرا فيعبده فإذا رأى أحسن منه رفضه مائلا إليه، فالظاهر أن آلهة بمعناها من غير تجوز أو تشبيه والهوى بمعنى المهوى مثله في قوله: هواي مع الركب اليمانين مصعد.
وَأَضَلَّهُ اللَّهُ أي خلقه ضالا أو خلق فيه الضلال أو خذله وصرفه عن اللطف على ما قيل عَلى عِلْمٍ حال من الفاعل أي أضله الله تعالى عالما سبحانه بأنه أهل لذلك لفساد جوهر روحه.
ويجوز أن يكون حالا من المفعول أي أضله عالما بطريق الهدى فهو كقوله تعالى: فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ بحيث لا يتأثر بالمواعظ ولا يتفكر في الآيات.
وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً مانعة عن الاستبصار والاعتبار والكلام على التمثيل، وقرأ عبد الله. والأعمش غِشاوَةً بفتح الغين وهي لغة ربيعة، والحسن وعكرمة وعبد الله أيضا بضمها وهي لغة عكلية، وأبو حنيفة وحمزة والكسائي وطلحة ومسعود بن صالح والأعمش أيضا «غشوة» بفتح الغين وسكون الشين، وابن مصرف. والأعمش أيضا كذلك إلا أنهما كسرا الغين فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أي من بعد إضلاله تعالى إياه، وقيل: المعنى فمن يهديه غير الله سبحانه أَفَلا تَذَكَّرُونَ أي ألا تلاحظون فلا تذكرون، وقرأ الجحدري «تذكرون» بالتخفيف، والأعمش «تتذكرون» بتاءين على الأصل وَقالُوا بيان لأحكام إضلالهم والختم على سمعهم وقلوبهم وجعل غشاوة على أبصارهم فالضمير لمن باعتبار معناه أو للكفرة ما هِيَ أي ما الحياة إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا التي نحن فيها، ويجوز أن يكون الضمير للحال والحياة الدنيا من جملة الأحوال فيكون المستثنى من جنس المستثنى منه أيضا لاستثناء حال الحياة الدنيا من أعم الأحوال ولا حاجة إلى تقدير حال مضافا بعد أداة الاستثناء أي ما الحال إلا حال الحياة الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيا حكم على النوع بجملته من غير اعتبار تقديم وتأخير إلا أن تأخير نحيي الله في النظم الجليل للفاصلة أي تموت طائفة وتحيا طائفة ولا حشر أصلا، وقيل: في الكلام تقديم وتأخير أي نحيا ونموت وليس بذاك، وقيل: أرادوا بالموت عدم الحياة السابق على نفخ الروح فيهم أي نكون نطفا وما قبلها وما بعدها ونحيا بعد ذلك، وقيل: أرادوا بالحياة بقاء النسل والذرية