وفيه «وأطولهم مكثا فيه من يمكث فيها مثل الدنيا منذ خلقت إلى يوم أفنيت وذلك سبعة آلاف سنة» الحديث
وتعقبه السفاريني بقوله: ذكر الحافظ ابن رجب في كتابه صفة النار أن هذا الحديث خرجه ابن أبي حاتم. وغيره، وخرجه الاسماعيلي مطولا، وقال الدارقطني في كتاب المختلف:
هو حديث منكر وذكر علله، ومما ذكره السيوطي في ذلك ما نقل هو ضعف إسناد رفعه، وقد يرد عليه بأنه قد مضى من زمن البعثة إلى يومنا هذا ألف ومئتان وثماني وستون سنة وإذا ضم إليها ما ذكره من سني مكث عيسى عليه السلام وبقاء الدنيا بعد طلوع الشمس من مغربها وما بين النفختين وهي مائتا سنة تصير ألفا وأربعمائة وثماني وسبعين فيبقى من المدة التي ذكرها اثنتان وعشرون سنة وإلى الآن لم تطلع الشمس من مغربها ولا خرج الدجال الذي خروجه قبل طلوعها من مغربها بعدة سنين ولا ظهر المهدي الذي ظهوره قبل الدجال بسبع سنين ولا وقعت الأشراط التي قبل ظهور المهدي، ولا يكاد يقال: إنه يظهر بعد خمس عشرة سنة ويظهر الدجال بعدها بسبع سنين على رأس المائة الثالثة من الألف الثانية لأن قبل ذلك مقدمات تكون في سنين كثيرة، فالحق أنه لا يعلم ما بقي من مدة الدنيا إلا الله عز وجل وأنه وإن طال أقصر قصير وما متاع الحياة الدنيا إلا قليل، وكذا فيما أرى مبدأ خلقها لا يعلمه إلا الله تعالى وما يذكرونه في المبدأ لو صح فإنما هو في مبدأ خلق الخليفة آدم عليه السلام لا مبدأ خلق السماء والأرض والجبال ونحوها.
وحكى الشيخ محيي الدين قدس سره عن إدريس عليه السلام وقد اجتمع معه اجتماعا روحانيا وسأله عن العالم أنه قال: نحن معاشر الأنبياء نعلم أن العالم حادث ولا نعلم متى حدث. والفلاسفة على المشهور يزعمون أن من العالم ما هو قديم بالشخص وما هو قديم بالنوع مع قولهم بالحدوث الذاتي ولا يدثر عندهم. وذهب الملا صدر الشيرازي أنهم لا يقولون إلا بقدم العقول المجردة دون عالم الأجسام مطلقا بل هم قائلون بحدوثها ودثورها وأطال الكلام على ذلك في الأسفار وأتى بنصوص أجلتهم كأرسطو وغيره. وحكى البعض عنهم أنه خلق هذا العالم الذي نحن فيه وهو عالم الكون والفساد والطالع السنبلة ويدثر عند مضي ثمانية وسبعين ألف سنة وذلك عند مضي مدة سلطان كل من البروج الاثني عشر ووصول الأمر إلى برج الميزان وزعموا أن مدة سلطان الحمل اثنا عشر ألف سنة ومدة سلطان الثور أقل بألف وهكذا إلى الحوت.
ونقل البكري عن هرمس أنه زعم أنه لم يكن في سلطان الحمل والثور والجوزاء على الأرض حيوان فلما كان سلطان الأسد تكونت دواب الماء وهوام الأرض فلما كان سلطان الأسد تكونت الدواب ذوات الأربع فلما كان سلطان السنبلة تولد الإنسانان الأولان ادمانوس وحوانوس، وزعم بعضهم أن مدة العالم مقدار قطع الكواكب الثابتة لدرج الفلك التي هي ثلاثمائة وستون درجة وقطعها لكل درجة على قول كثير منهم في مائة سنة فتكون مدته ستا وثلاثين ألف سنة وكل ذلك خبط لا دليل عليه. ومن أعجب ما رأيت ما زعمه بعض الإسلاميين من أن الساعة تقوم بعد ألف وأربعمائة وسبع سنين أخذا من قوله تعالى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وقوله سبحانه لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً [الأعراف: ١٨٧] بناء على أن عدة حروف بَغْتَةً بالجمل الكبير ألف وأربعمائة وسبع ويوشك أن يقول قائل: هي ألف وثمانمائة واثنان وبحسب تاء التأنيث أربعمائة لا خمسة فإنه رأى بعض أهل الحساب كما في فتاوى خير الدين الرملي ويجيء آخر ويقول: هي أكثر من ذلك أيضا ويعتبر بسط الحروف على نحو ما قالوا في اسم محمد صلّى الله عليه وسلّم إنه متضمن عدة المرسلين عليه السلام، وأنت تعلم أن مثل ذلك مما لا ينبغي لعاقل أن يعول عليه أو يلتفت إليه، والحزم الجزم بأنه لا يعلم ذلك إلا اللطيف الخبير فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ مسبب عن مجموع القصة