للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسين على جده وعليه الصلاة والسلام واستبشاره بذلك وإهانته لأهل بيته مما تواتر معناه وإن كانت تفاصيله آحادا،

وفي الحديث «ستة لعنتهم (١) وفي رواية: لعنهم الله وكل نبي مجاب الدعوة المحرف لكتاب الله- وفي رواية-: الزائد في كتاب الله والمكذب بقدر الله والمتسلط بالجبروت ليعز من أذل الله ويذل من أعز الله والمستحل من عترتي والتارك لسنتي»

وقد جزم بكفره وصرح بلعنه جماعة من العلماء منهم الحافظ ناصر السنة ابن الجوزي وسبقه القاضي أبو يعلى، وقال العلامة التفتازاني: لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله تعالى عليه وعلى أنصاره وأعوانه، وممن صرح بلعنه الجلال السيوطي عليه الرحمة وفي تاريخ ابن الوردي. وكتاب الوافي بالوفيات أن السبي لما ورد من العراق على يزيد خرج فلقي الأطفال والنساء من ذرية علي. والحسين رضي الله تعالى عنهما والرؤوس على أطراف الرماح وقد أشرفوا على ثنية جيرون فلما رآهم نعب غراب فأنشأ يقول:

لما بدت تلك الحمول وأشرفت ... تلك الرؤوس على شفا جيرون

نعب الغراب فقلت قل أو لا تقل ... فقد اقتضيت من الرسول ديوني

يعني أنه قتل بمن قتله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم بدر كجده عتبة وخاله ولد عتبة وغيرهما وهذا كفر صريح فإذا صح عنه فقد كفر به ومثله تمثله بقول عبد الله بن الزبعري قبل إسلامه:

ليت أشياخي الأبيات، وأفتى الغزالي عفا الله عنه بحرمة لعنه وتعقب السفاريني من الحنابلة نقل البرزنجي والهيثمي السابق عن أحمد رحمه الله تعالى فقال: المحفوظ عن الإمام أحمد خلاف ما نقلا، ففي الفروع ما نصه ومن أصحابنا من أخرج الحجاج عن الإسلام فيتوجه عليه يزيد ونحوه ونص أحمد خلاف ذلك وعليه الأصحاب، ولا يجوز التخصيص باللعنة خلافا لأبي الحسين وابن الجوزي وغيرهما، وقال شيخ الإسلام: يعني والله تعالى أعلم ابن تيمية ظاهر كلام أحمد الكراهة، قلت: والمختار ما ذهب إليه ابن الجوزي. وأبو حسين القاضي. ومن وافقهما انتهى كلام السفاريني.

وأبو بكر بن العربي المالكي عليه من الله تعالى ما يستحق أعظم الفرية فزعم أن الحسين قتل بسيف جده صلّى الله عليه وسلّم وله من الجهلة موافقون على ذلك كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [الكهف: ٥] .

قال ابن الجوزي عليه الرحمة في كتابه السر المصون: من الاعتقادات العامة التي غلبت على جماعة منتسبين إلى السنة أن يقولوا: إن يزيد كان على الصواب وإن الحسين رضي الله تعالى عنه أخطأ في الخروج عليه ولو نظروا في السير لعلموا كيف عقدت له البيعة وألزم الناس بها ولقد فعل في ذلك كل قبيح ثم لو قدرنا صحة عقد البيعة فقد بدت منه بواد كلها توجب فسخ العقد ولا يميل إلى ذلك إلا كل جاهل عامي المذهب يظن أنه يغيظ بذلك الرافضة. هذا ويعلم من جميع ما ذكره اختلاف الناس في أمره فمنهم من يقول: هو مسلم عاص بما صدر منه مع العترة الطاهرة لكن لا يجوز لعنه، ومنهم من يقول: هو كذلك ويجوز لعنه مع الكراهة أو بدونها ومنهم من يقول: هو كافر ملعون، ومنهم من يقول: إنه لم يعص بذلك ولا يجوز لعنه وقائل هذا ينبغي أن ينظم في سلسلة أنصار يزيد وأنا أقول: الذي يغلب على ظني أن الخبيث لم يكن مصدقا برسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالى وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على


(١) قوله «ستة لعنتهم» كذا في النسخ والمعدود فيها خمس سقط منها «والمستحل لحرم الله» .

<<  <  ج: ص:  >  >>