للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعم أبو الفتح أن الشطء لا يكون إلا في البر والشعير، وقال صاحب اللوامح: شطأ الزرع وأشطأ إذا أخرج فراخه وهو في الحنطة والشعير وغيرهما، وفي البحر أشطأ الزرع افرخ والشجرة أخرجت غصونها.

وفي القاموس الشطء فراخ النخل والزرع أو ورقه جمعه شطوء، وشطأ كمنع شطأ وشطوأ أخرجها، ومن الشجر ما خرج حول أصله وجمعه اشطاء، وأشطأ أخرجها اهـ، وفيه ما يرد به على أبي الفتح مع زيادة لا تخفى فائدتها فلا تغفل.

وقرأ ابن كثير وابن ذكوان «شطأه» بفتح الطاء وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة وعيسى الكوفي كذلك وبالمد. وقرأ زيد بن علي كذلك أيضا وبألف بدل الهمزة فاحتمل أن يكون مقصورا وإن يكون أصله الهمز فنقل الحركة وأبدل الهمزة ألفا كما قالوا في المرأة والكمأة المراة والكماة، وهو تخفيف مقيس عند الكوفيين وعند البصريين شاذ لا يقاس عليه، وقرأ أبو جعفر «شطه» بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على الطاء، ورويت عن شيبة ونافع والجحدري، وعن الجحدري أيضا «شطوه» بإسكان الطاء وواو بعدها، قال أبو الفتح: هي لغة أو بدل من الهمزة فَآزَرَهُ أي أعانه وقواه قاله الحسن وغيره، قال الراغب: وأصله من شد الإزار كون الكفار مستيقنين بالآخرة ومتحققين كون الوعد منه عز وجل بعيد، وضمير مِنْهُمْ لمن عاد عليه الضمائر السابقة، و (من) للبيان مثلها في قوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ [الحج: ٣٠] وليس مجيئها كذلك مخصوصا بما إذا كانت داخلة على ظاهر كما توهم صاحب التحفة الاثني عشرية في الكلام على قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ [النور: ٥٥] فقال: حمل «من» للبيان إذا كان داخلا على الضمير مخالف لاستعمال العرب، وأنكر ذلك عليه صاحب الترجمة لكن قال: لو ادعى هذا الخلاف في ضميري الخطاب والتكلم لم يبعد.

ومن مجيئها للبيان داخلة على ضمير الغائب قوله تعالى: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عند القائلين بأن ضمير تَزَيَّلُوا للمؤمنين لا للتبعيض كما يقوله الشيعة الزاعمون ارتداد أكثر الصحابة رضي الله تعالى عنهم من أهل بيعة الرضوان وغيرهم، فإن مدحهم السابق بما يدل على الاستمرار كقوله تعالى: تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ووصفهم بما يدل على الدوام والثبات كقوله سبحانه: وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ يأبى التبعيض والارتداد الذين زعموه عند من له أدنى إنصاف وشمة من دين، ويزيد زعمهم هذا سقوطا عن درجة الاعتبار أن مدحهم ذاك قد كتبه الله تعالى في التوراة قبل أن يخلق السموات والأرض، ولا يكاد عاقل يقبل أنه تعالى أطلق المدح وكتبه لأناس لم يثبت على تلك الصفة إلا قليل منهم، وإذا قلنا: إن هؤلاء الممدوحين هم أهل بيعة الرضوان الذين بايعوه عليه الصلاة والسلام في الحديبية كما يشعر به وَالَّذِينَ مَعَهُ لا سيما على القول بأن السورة بتمامها نزلت عند منصرفه عليه الصلاة والسلام من الحديبية قبل أن يتفرقوا عنه صلّى الله عليه وسلّم كان سقوط ذلك الزعم أبين وأبين لأن الارتداد الذي يزعمونه كان لترك مبايعة علي كرم الله تعالى وجهه بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع العلم بالنص على خلافته بزعمهم ومبايعة أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وكيف يكون ذاك ارتدادا والله عز وجل حين رضي عنهم على أنهم يفعلونه، والقول بأنه سبحانه إنما رضي عن مبايعتهم أو عنهم من حيث المبايعة ولم يرض سبحانه عنهم مطلقا لأجلها خلاف ظاهر الآية، والظاهر ما نفي، ولا يعكر عليه صدور بعض المعاصي من بعضهم بعد وإنما يعكر صدور ما لا يجامع الرضا أصلا كالارتداد والعياذ بالله تعالى، وبالجملة جعل (من) للتبعيض ليتم للشيعة ما زعموه مما يأباه الكتاب والسنة وكلام العترة. وفي التحفة الاثني عشرية من ذلك ما تنشرح له الصدور وتزداد به قلوب المؤمنين نورا على نور، ويا سبحان الله أين جعل (من) للتبعيض من دعوى الارتداد، ولكن من يضلل الله فما له من هاد، وتأخير مِنْهُمْ هنا عن عَمِلُوا الصَّالِحاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>