تفاوت الاستعدادات فعرفوا أنفسهم بالتجليات فعرفوا الله تعالى من ذلك فبه سبحانه عرفوه، وثانيا بأن المراد بالخفاء لازمه وهو عدم معرفة أحد به جل وعلا، ويؤيده ما في لفظ السخاوي من قوله: لا أعرف بدل مخفيا، وثالثا بأن مخفيا بمعنى ظاهر من أخفاه أي أظهره على أن الهمزة للإزالة أي أزال خفاءه، وترتيب قوله سبحانه:«فأحببت أن أعرف» إلخ عليه باعتبار أن الظهور متى كان قويا أوجب الجهالة بحال الظاهر فخلق سبحانه الخلق ليكونوا كالحجاب فيتمكن معه من المعرفة، ألا يرى أن الشمس لشدة ظهورها لا تستطيع أكثر الأبصار الوقوف على حالها إلا بواسطة وضع بعض الحجب بينها وبينها وهو كما ترى لا يخلو عن بحث، وأما إطلاق الكنز عليه عز وجل فقد ورد، روى الديلمي في مسنده عن أنس مرفوعا كنز المؤمن ربه أي فإن منه سبحانه كل ما يناله من أمر نفيس في الدارين، والشيخ محيي الدين قدس سره ذكر في معنى- الكنز- غير ذلك فقال في الباب الثلاثمائة والثمانية والخمسين من فتوحاته: لو لم يكن في العالم من هو على صورة الحق ما حصل المقصود من العلم بالحق أعني العلم بالحادث في قوله: «كنت كنزا» إلخ فجعل نفسه كنزا، والكنز لا يكون إلا مكتنزا في شيء فلم يكن كنز الحق نفسه إلا في صورة الإنسان الكامل في شيئية ثبوته هناك كان الحق مكنوزا فلما لبس الحق الإنسان ثوب شيئية الوجود ظهر الكنز بظهوره فعرفه الإنسان الكامل بوجوده وعلم أنه سبحانه كان مكنوزا فيه في شيئية ثبوته وهو لا يشعر به انتهى، وهو منطق الطير الذي لا نعرفه نسأل الله تعالى التوفيق لما يحب ويرضى بمنه وكرمه.