والعزى ومناة أولادا له تعالى ثم أخسها وسد مسد المفعول الثاني قوله تعالى: أَلَكُمُ إلخ زيادة الإنكار فعلى هذا ليس أَفَرَأَيْتُمُ في معنى الاستخبار وجاز أن يكون في معناه على معنى أَفَتُمارُونَهُ فأخبروني هل لكم الذكر وله الأنثى، والقول مقدر أي فقل لهم أخبروني والمعنى هو كذا تهكما وتنبيها على أنه نتيجة مرائهم وأن من كان هذا معتقده فهو على الضلال الذي لا ضلال بعده ولا يبعد عن أمثاله نسبة الهادين المهديين إلى ما هو فيه من النقص انتهى، وما ذكره أولا أولى وهو ليس بالبعيد عما ذكرنا تِلْكَ إشارة إلى القسمة المنفهمة من الجملة الاستفهامية إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى أي جائرة حيث جعلتم له سبحانه ما تستنكفون منه وبذلك فسر ضيزى ابن عباس وقتادة، وفي معناه قول سفيان منقوصة، وابن زيد مخالفة، ومجاهد ومقاتل عوجاء، والحسن غير معتدلة، والظاهر أنه صفة، واختلف في يائه فقيل: منقلبة عن واو، وقيل: أصيلة، ووزنه فعلى بضم الفاء كحبلى وأنثى، ثم كسرت لتسلم الياء كما فعل ذلك في بيض جمع أبيض فإن وزنه فعل بضم الفاء كحمر ثم كسرت الفاء لما ذكر ومثله شائع، ولم يجعل وزنه فعلى بالكسر ابتداء لما ذهب إليه سيبويه من أن فعلى بالكسر لم يجىء عن العرب في الصفات وجعله بعضهم كذلك متمسكا بورود ذلك. فقد حكى ثعلب مشية حيكى، ورجل كيصى، وغيره امرأة عزهى وامرأة سعلى، ورد بأنه من النوادر والحمل على الكثير المطرد في بابه أولى، وأيضا يمكن أن يقال في حيكى وكيصى ما قيل في ضيزى ويمنع ورود عزهى وسعلى فإن المعروف عزهاة وسعلاة، وجوز أن يكون ضيزى فعلى بالكسر ابتداء على أنه مصدر كذكرى ووصف به مبالغة، ومجيء هذا الوصف في المصادر كما ذكر، والأسماء الجامدة كدفلى وشعرى، والجموع كحجلى كثير، وقرأ ابن كثير ضئزى بالهمز على أنه مصدر وصف به، وجوز أن يكون وصفا وهو مضموم عومل معاملة المعتل لانه يؤول إليه. وقرأ ابن زيد ضيزي بفتح الضاد وبالياء على أنه كدعوى أو كسكرى، ويقال ضؤزى بالواو والهمز وضم الفاء وقد حكى الكسائي ضأز يضأز ضأزا بالهمز وأنشد الأخفش:
فإن تنأ عنها تقتنصك وإن تغب ... فسهمك مضؤوز وأنفك راغم
والأكثر ضاز بلا همز في قول امرئ القيس:
ضازت بنو أسد بحكمهم ... إذ يجعلون الرأس كالذنب
وأنشده ابن عباس على تفسيره السابق إِنْ هِيَ الضمير للأصنام أي ما الأصنام باعتبار الألوهية التي تدعونها إِلَّا أَسْماءٌ محضة ليس فيها شيء ما أصلا من معنى الألوهية وقوله تعالى: سَمَّيْتُمُوها صفة للأسماء وضميرها لها لا للأصنام، والمعنى جعلتموها أسماء فان التسمية نسبة بين الاسم والمسمى فإذا قيست إلى الاسم فمعناها جعله اسما للمسمى وإن قيست إلى المسمى فمعناها جعله مسمى للاسم وإنما اختير هاهنا المعنى الاول من غير تعرض للمسمى لتحقيق أن تلك الأصنام التي يسمونها آلهة أسماء مجردة ليس لها مسميات قطعا كما في قوله سبحانه: ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً [يوسف: ٤٠] الآية لا أن هناك مسميات لكنها لا تستحق التسمية، وقيل: هي للأسماء الثلاثة المذكورة حيث كانوا يطلقونها على تلك الأصنام لاعتقادهم أنها تستحق العكوف على عبادتها والإعزاز والتقرب إليها بالقرابين، وتعقب بأنه لو سلم دلالة الأسماء المذكورة على ثبوت تلك المعاني الخالصة للأصنام فليس في سلبها عنها مزيد فائدة بل إنما هي في سلب الألوهية عنها كما هو زعمهم المشهور في حق جميع الأصنام على وجه برهاني فإن انتفاء الوصف بطريق الأولوية أي ما هي شيء من الأشياء إلا أسماء خالية عن المسميات وضعتموها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ بمقتضى الأهواء الباطلة ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ برهان يتعلقون به إِنْ يَتَّبِعُونَ أي ما يتبعون فيما ذكر من التسمية والعمل بها إِلَّا الظَّنَّ إلا توهم أن ما هم عليه حق توهما باطلا،