للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهادة والرواية واليمين، زاد الهروي وشريح وكل قول خالف الإجماع العام، وقيل: كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة وهو المحكي عن إمام الحرمين، ورجحه جمع لما فيه من حسن الضبط، وتعقب بأنه بظاهره يتناول صغيرة الخسة، والإمام- كما قال الاذرعي- إنما ضبط به ما يبطل العدالة من المعاصي الشاملة لذلك لا الكبيرة فقط، نعم هو أشمل من التعريفين الأولين، وقيل: هي ما أوجب الحدّ أو توجه إليه الوعيد ذكره الماوردي في فتاويه، وقيل: كل محرم لعينه منهي عنه لمعنى في نفسه فإن فعله على وجه يجمع وجهين أو وجوها من التحريم كان فاحشة، فالزنا كبيرة وبحليلة الجار فاحشة والصغيرة تعاطي ما تنقص عن رتبته عن رتبته المنصوص عليه. أو تعاطيه على وجه دون المنصوص عليه فإن تعاطاه على وجه يجمع وجهين أو أكثر من التحريم كان كبيرة فالقبلة واللمس والمفاخذة صغيرة، ومع حليلة الجار كبيرة كذا نقله ابن الرفعة وغيره عن القاضي حسين عن الحليمي، وقيل: هي كل فعل نص الكتاب على تحريمه أي بلفظ التحريم وهو أربعة أشياء: أكل الميتة، ولحم الخنزير، ومال اليتيم، والفرار من الزحف ورد بمنع الحصر، وقيل:

إنها كل ذنب قرن به حدّ، أو وعيد أو لعن بنص كتاب أو سنة أو علم أن مفسدته كمفسدة ما قرن به ذلك أو أكثر أو أشعر بتهاون مرتكبه في دينه إشعارا صغر الكبائر المنصوص عليها بذلك كما لو قتل من يعتقده معصوما فظهر أنه مستحق لدمه أو وطئ امرأة ظانا أنه زان بها فإذا هي زوجته أو أمته، وإليه ذهب شيخ الإسلام البارزي وقال: هو التحقيق وقيل: غير ذلك، واعتمد الواحدي أنها لا حدّ لها يحصرها فقال الصحيح أن الكبيرة ليس لها حدّ يعرفها العباد به وإلا لاقتحم الناس الصغائر واستباحوها ولكن الله تعالى أخفى ذلك عنهم ليجتهدوا في اجتناب المنهي عنه رجاء أن تجتنب الكبائر. ونظير ذلك إخفاء الاسم الأعظم والصلاة الوسطى وليلة القدر وساعة الإجابة، وقال العلامة ابن حجر الهيتمي: كل ما ذكر من الحدود إنما قصد به التقريب فقط وإلا فهي ليست بحدود جامعة، وكيف يمكن ضبط ما لا مطمع في ضبطه؟ وذهب جمع إلى تعريفها بالعدّ، فعن ابن عباس أنها ما ذكره الله تعالى في أول سورة النساء إلى قوله سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ [النساء: ٣١] .

وقيل:

هي سبع وروي ذلك عن علي كرم الله تعالى وجهه

وعطاء وعبيد بن عمير، واستدل له بما

في الصحيحين «اجتنبوا السبع الموبقات: الإشراك بالله تعالى والسحر وقتل النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات»

وقيل: خمس عشرة، وقيل: أربع عشرة، وقيل: أربع، وعن ابن مسعود ثلاث، وفي رواية أخرى عشرة، وقال شيخ الإسلام العلائي:

المنصوص عليه في الأحاديث أنه كبيرة خمس وعشرون، وتعقبه ابن حجر بزيادة على ذلك، وقال أبو طالب المكي: هي سبع عشرة أربع في القلب الشرك والإصرار على المعصية والقنوط والأمن من المكر، وأربع في اللسان القذف وشهادة الزور والسحر، وهو كل كلام يغير الإنسان أو شيئا من أعضائه. واليمين الغموس وهي التي تبطل بها حقا أو تثبت بها باطلا، وثلاث في البطن أكل مال اليتيم ظلما وأكل الربا وشرب كل مسكر، واثنان في الفرج: الزنا واللواط، واثنتان في اليد القتلة والسرقة، وواحدة في الرجل الفرار من الزحف، وواحدة في جميع الجسد عقوق الوالدين، وفيه ما فيه، وروى الطبراني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلا قال له:

كم الكبائر سبع هي؟ فقال هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار، وقد ألف فيها غير واحد من العلماء، وفي كتاب الزواجر تأليف العلامة ابن حجر ما فيه كفاية فليراجع، والله تعالى الموفق وإنا لنستغفره ونتوب إليه إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ حيث يغفر الصغائر باجتناب

<<  <  ج: ص:  >  >>