ذكروا به لأنه أبلغ في التعريف، والمراد كذبت عاد هودا عليه السلام ولم يتعرض لكيفية تكذيبهم له عليه السلام روما للاختصار ومسارعة إلى بيان ما فيه الازدجار من العذاب، وقوله: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ لتوجيه قلوب السامعين نحو الإصغاء إلى ما يلقى إليهم قبل ذكره لا لتهويله وتعظيمه وتعجيبهم من حاله بعد بيانه كما قبله وما بعده كأنه قيل: كَذَّبَتْ عادٌ فهل سمعتم، أو فاسمعوا كيف عذابي وإنذاري لهم، وقيل: هو للتهويل أيضا لغرابة ما عذبوا به من الريح وانفراده بهذا النوع من العذاب، وفيه بحث، وقوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً استئناف لبيان ما أجمل أولا، والصرصر الباردة على ما روي عن ابن عباس وقتادة والضحاك، وقيل: شديد الصوت وتمام الكلام قد مر في «فصلت» .
فِي يَوْمِ نَحْسٍ شؤم عليهم مُسْتَمِرٍّ ذلك الشؤم لأنهم بعد أن أهلكوا لم يزالوا معذبين في البرزخ حتى يدخلوا جهنم يوم القيامة، والمراد باليوم مطلق الزمان لقوله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ [فصلت: ١٦] ، وقوله سبحانه: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً [الحاقة: ٧] المشهور أنه يوم الأربعاء وكان آخر شوّال على معنى أن ابتداء إرسال الريح كان فيه فلا ينافي آيتي «فصلت» و «الحاقة» .
وجوز كون مُسْتَمِرٍّ صفة يوم أي في يوم استمر عليهم حتى أهلكهم، أو شمل كبيرهم وصغيرهم حتى لم تبق منهم نسمة على أن الاستمرار بحسب الزمان أو بحسب الأشخاص والأفراد لكن على الأول لا بد من تجوز بإرادة استمرار نحسه، أو بجعل اليوم بمعنى مطلق الزمان لأن اليوم الواحد لم يستمر فتدبر، وجوز كون مُسْتَمِرٍّ بمعنى محكم وكونه بمعنى شديد المرارة وهو مجاز عن بشاعته وشدة هوله إذ لا طعم له، وجوز كونه بدلا، أو عطف بيان وهو كما ترى، وقرأ الحسن «يوم نحس» بتنوين يوم وكسر حاء نحس، وجعله صفة ليوم فيتعين كون مُسْتَمِرٍّ صفة ثانية له، وأيد بعضهم بالآية ما أخرجه وكيع في الغرر وابن مردويه والخطيب البغدادي عن ابن عباس مرفوعا آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر وأخذ بذلك كثير من الناس فتطيروا منه وتركوا السعي لمصالحهم فيه ويقولون له:
أربعاء لا تدور، وعليه قوله:
لقاؤك للمبكر فأل سوء ... ووجهك- أربعاء لا تدور-
وذلك مما لا ينبغي، والحديث المذكور في سنده مسلمة بن الصلت قال أبو حاتم: متروك، وجزم ابن الجوزي بوضعه وقال ابن رجب: حديث لا يصح ورفعه غير متفق عليه فقد رواه الطيوري من طريق آخر موقوفا على ابن عباس، وقال السخاوي: طرقه كلها واهية، وضعفوا أيضا خبر الطبراني يوم الأربعاء يوم نحس مستمر، والآية قد علمت معناها، وجاء في الأخبار والآثار ما يشعر بمدحه ففي منهاج الحليمي، وشعب البيهقي أن الدعاء يستجاب يوم الأربعاء بعيد الزوال، وذكر برهان الإسلام في تعليم المتعلم عن صاحب الهداية أنا ما بدىء شيء يوم الأربعاء إلا وتم وهو يوم خلق الله تعالى فيه النور فلذلك كان جمع من المشايخ يتحرون ابتداء الجلوس للتدريس فيه، واستحب بعضهم غرس الأشجار فيه
لخبر ابن حيان والديلمي عن جابر مرفوعا «من غرس الأشجار يوم الأربعاء وقال: سبحان الباعث الوارث أتته أكلها»
نعم جاءت أخبار وآثار تشعر بخلاف ذلك،
ففي الفردوس عن عائشة مرفوعا «لولا أن تكره أمتي لأمرتها أن لا يسافروا يوم الأربعاء، وأحب الأيام إليّ الشخوص فيها يوم الخميس»
وهو غير معلوم الصحة عندي.
وأخرج أبو يعلى عن ابن عباس. وابن عدي وتمام في فوائده عن أبي سعيد مرفوعا يوم السبت يوم مكر وخديعة ويوم الأحد يوم غرس وبناء ويوم الاثنين يوم سفر وطلب رزق ويوم الثلاثاء يوم حديد وبأس. ويوم الأربعاء لا أخذ ولا