المفتوح أو الساكن- كأسد وأسد، ورهن ورهن- وقيل: جمع نهار، والمراد أنهم لا ظلمة ولا ليل عندهم كما حكي فيما، وقيل: قرىء بضم النون وسكون الهاء فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ في مكان مرضي على أن الصدق مجاز مرسل في لازمه أو استعارة، وقيل: المراد صدق المبشر به وهو الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، أو المراد أنه ناله من ناله بصدقه وتصديقه للرسل عليهم السلام، فالإضافة لأدنى ملابسة
وقال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه: مدح المكان بالصدق فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق
، وهو المقعد الذي يصدق الله تعالى فيه مواعيد أوليائه بأنه يبيح عز وجل لهم النظر إلى وجهه الكريم، وإفراد المقعد على إرادة الجنس.
وقرأ عثمان البتي- في مقاعد- على الجمع وهي توضح أن المراد بالمقعد المقاعد عِنْدَ مَلِيكٍ أي ملك عظيم الملك، وهو صيغة مبالغة وليست الياء من الإشباع مُقْتَدِرٍ قادر عظيم القدرة، والظرف في موضع الحال من الضمير المستقر في الجار والمجرور، أو خبر بعد خبر، أو صفة لمقعد صدق، أو بدل منه، والعندية للقرب الرتبي، وذكر بعضهم أنه سبحانه أبهم العندية والقرب ونكر- مليكا، ومقتدرا- للإشارة إلى أن ملكه تعالى وقدرته عز وجل لا تدري الأفهام كنههما وأن قربهم منه سبحانه بمنزلة من السعادة والكرامة بحيث لا عين رأت ولا أذن سمعت مما يجل عن البيان وتكلّ دونه الأذهان.
وأخرج الحكيم الترمذي عن بريدة- عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ إلخ قال: إن أهل الجنة يدخلون على الجبار كل يوم مرتين فيقرأ عليهم القرآن وقد جلس كل امرئ منهم مجلسه الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة بالأعمال فلا تقرّ أعينهم قط كما تقرّ بذلك ولم يسمعوا شيئا أعظم منه ولا أحسن منه ثم ينصرفون إلى رحالهم قريرة أعينهم ناعمين إلى مثلها من الغد
- وإذا صح هذا فهو من المتشابه كالآية فلا تغفل، ولهذين الاسمين الجليلين شأن في استجابة الدعاء على ما في بعض الآثار.
أخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال: دخلت المسجد وأنا أرى أني أصبحت فإذا علي ليل طويل وليس فيه أحد غيري فنمت فسمعت حركة خلفي ففزعت فقال: أيها الممتلئ قلبه فرقا لا تفرق أو لا تفزع وقل اللهم إنك مليك مقتدر ما تشاء من أمر يكون ثم سل ما بدا لك قال: فما سألت الله تعالى شيئا إلا استجاب لي وأنا أقول:
اللهم إنك مليك مقتدر ما تشاء من أمر يكون فأسعدني في الدارين وكن لي ولا تكن علي وانصرني على من بغى علي وأعذني من هم الدين وقهر الرجال وشماتة الأعداء، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.