المرجان فقد ذكره صاحب القاموس في مادة- مرج- ولم يذكر ما يفهم منه أنه معرب، وقال أبو حيان في البحر: هو اسم أعجمي معرب. وقال ابن دريد: لم أسمع فيه بفعل متصرف.
وقرأ طلحة- اللؤلئ- بكسر اللام الأخيرة. وقرىء اللؤلي بقلب الهمزة المتطرفة ياء ساكنة بعد كسر ما قبلها وكل من ذلك لغة. وقرأ نافع وأبو عمرو «يخرج» مبنيا للمفعول من الإخراج، وقرىء «يخرج» مبنيا للفاعل منه ونصب «اللّؤلؤ والمرجان» أي يخرج الله تعالى. واستشكلت الآية على تفسير البحرين بالعذب والملح دون بحري فارس والروم بأن المشاهد خروج اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ من أحدهما وهو الملح فكيف قال سبحانه: مِنْهُمَا؟ وأجيب بأنهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال: يخرجان منهما كما يقال يخرجان من البحر ولا يخرجان من جميعه ولكن من بعضه، وكما تقول خرجت من البلد وإنما خرجت من محلة من محاله بل من دار واحدة من دوره، وقد ينسب إلى الاثنين ما هو لأحدهما كما يسند إلى الجماعة ما صدر من واحد منهم. ومثله ما في الانتصاف عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف: ٣١] وعلى ما نقل عن الزجاج سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً [نوح: ١٥، ١٦] ، وقيل: إنهما لا يخرجان إلا من ملتقى العذب والملح ويرده المشاهدة وكأن من ذكره مع ما تقدم لم يذكره لكونه قولا آخر بل ذكره لتقوية الاتحاد فحينئذ تكون علاقة التجوز أقوى.
وقال أبو علي الفارسي: هذا من باب حذف المضاف والتقدير يخرج من أحدهما وجعل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ من ذلك. وهو عندي تقدير معنى لا تقدير إعراب. وقال الرماني: العذب منهما كاللقاح للملح فهو كما يقال الولد يخرج من الذكر والأنثى أي بواسطتهما، وقال ابن عباس، وعكرمة: تكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر لأن الأصداف في شهر نيسان تتلقى ماء المطر بأفواهها فتتكون منه، ولذا تقل في الجدب، وجعل عليه ضمير مِنْهُمَا للبحرين باعتبار الجنس ولا يحتاج إليه بناء على ما أخرجه ابن جرير عنه أن المراد بالبحرين بحر السماء وبحر الأرض.
وأخرج هو وابن المنذر عن ابن جبير نحوه إلا أن في تكون المرجان بناء على تفسير بالبسذ من ماء المطر كاللؤلؤ ترددا وإن قالوا: إنه يتكون في نيسان، وقال بعض الأئمة: ظاهر كلام الله تعالى أولى بالاعتبار من كلام الناس، ومن علم أن اللؤلؤ لا يخرج من الماء العذب وهب أن الغواصين ما أخرجوه إلا من الملح، ولكن لم قلتم إن الصدف لا يخرج بأمر الله تعالى من الماء العذب إلى الماء الملح فإن خروجه محتمل تلذذا بالملوحة كما تلتذ المتوحمة بها في أوائل حملها حتى إذا خرج لم يمكنه العود، وكيف يمكن الجزم بما قلتم وكثير من الأمور الأرضية الظاهرة خفيت عن التجار الذين قطعوا المفاوز وداروا البلاد فكيف لا يخفى أمر ما في قعر البحر عليهم، والله تعالى أعلم ومن غريب التفسير ما
أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس قال: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ علي وفاطمة رضي الله تعالى عنهما بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما.
وأخرج عن إياس بن مالك (١) نحوه لكن لم يذكر فيه البرزخ
، وذكر الطبرسي من الإمامية في تفسيره مجمع البيان الأول بعينه عن سلمان الفارسي وسعيد بن جبير وسفيان الثوري، والذي أراه أن هذا إن صح ليس من التفسير في شيء بل هو تأويل كتأويل المتصوفة لكثير من الآيات، وكل من عليّ وفاطمة رضي الله تعالى عنهما عندي أعظم من البحر المحيط علما وفضلا، وكذا كل من الحسنين رضي الله تعالى عنهما أبهى وأبهج من اللؤلؤ والمرجان بمراتب