للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محيصن، وقد روي عمن ذكرنا- على رفارف خضر وعباقري- بالصرف، وكذلك روي عن مالك بن دينار، وقرأ أبو محمد المروزي وكان نحويا- على رفارف خضار- بوزن فعال، وقال صاحب الكامل: قرأ رفارف بالجمع ابن مصرف وابن مقسم وابن محيصن، واختاره شبل وأبو حيوة والجحدري والزعفراني وهو الاختيار لقوله تعالى:

خُضْرٍ، و «عباقريّ» بالجمع وبكسر القاف من غير تنوين ابن مقسم وابن محيصن، وروي عنهما التنوين.

وقال ابن عطية: قرأ زهير القرقبي (١) رفارف بالجمع وترك الصرف، وأبو طعمة المدني وعاصم فيما روي عنه رفارف بالصرف وعثمان رضي الله تعالى عنه كذلك، وعباقري بالجمع والصرف، وعنه وعباقري بفتح القاف والياء على أن اسم الموضع عباقر بفتح القاف، والصحيح فيه عبقر، وقال الزمخشري: قرىء عباقري كمدائني.

وروى أبو حاتم عباقري بفتح القاف ومنع الصرف وهذا لا وجه لصحته، وقال الزجاج: هذه القراءة لا مخرج لها لأن ما جاوز الثلاثة لا يجمع بياء النسب فلو جمعت عبقري قلت: عباقرة نحو مهلبي ومهالبة ولا تقول مهالبي.

وقال ابن جني: أما ترك صرف عباقري فشاذ في القياس ولا يستنكر شذوذه مع استعماله، وقال ابن هشام: كونه من النسبة إلى الجمع كمدائني باطل فإن من قرأ بذلك قرأ رفارف خضر بقصد المجانسة ولو كان كما ذكر كان مفردا ولا يصح منع صرفه كمدايني وقد صحت الرواية بمنعه الصرف عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فهو من باب كرسي وكراسي وهو من صيغة منتهى الجموع لكنها خالفت القياس في زيادة ما بعد الألف على المعروف كما ذكره السهيلي، وقال صاحب الكشف فتح القاف لا وجه له بوجه والمذكور في المنتقى عن النبي صلّى الله عليه وسلم الكسر.

وأما منع الصرف فليس بمتعين ليرد بل وجهه أنه نصب على محل رفرف على حد: يذهبن في نجد وغورا.

وإضافته إلى حِسانٍ مثل إضافة حور إلى عين في قراءة عكرمة كأنه قيل: عباقري مفارش، أو نمارق حسان فهو من باب أخلاق ثياب لأن أحد الوصفين قائم مقام الموصوف، ولعل عبقر وعباقر مثل عرفة وعرفات انتهى، فأحط بجوانب الكلام ولا تغفل، وقرأ ابن هرمز خضر بضم الضاد وهي لغة قليلة ومن ذلك قول طرفة:

أيها القينات في مجلسنا ... جرّدوا منها ورادا وشقر

وقول الآخر:

وما انتميت إلى خود ولا كشف ... ولا لئام غداة الروع أوزاع

فشقر جمع أشقر، وكشف جمع أكشف وهو من ينهزم في الحرب، هذا والوصف بقوله تعالى: مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ إلخ دون الوصف بقوله سبحانه: مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ [الرحمن: ٥٤] عند القائل بتفضيل الجنتين السابقتين لما في هذا الوصف من الإشارة إلى أن الظهائر مما يعجز عنها الوصف. ومن ذهب إلى تفضيل الأخيرتين يقول: الرفرف ما يطرح على ظهر الفراش وليست الفرش التي يطرح عليها الرفرف مذكورة فيجوز أن يكون ترك ذكرها للإشارة إلى عدم إحاطة الوصف بها ظهارة وبطانة وهو أبلغ من الأول، ولا يسلم أن تلك الفرش هي العبقري، أو يقول الرفرف الفرش المرتفعة وترك التعرض لسوى لونها وهو الخضرة التي ميل الطباع إليها أشد وهي جامعة لأصول الألوان الثلاثة على ما بينه الإمام يشير إلى أنها مما لا تكاد تحيط بحقيقتها العبارات، وقد يقال غير ذلك فتأمل، وينبغي على القول بتفضيل الأخيرتين وكونهما لطائفة غير الطائفة المشار إليهم بمن خاف أن لا يفسر من


(١) هكذا بقافين وقد مر بالفاء بعد الراء قاف، وفي البحر العرقبي بالعين المهملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>