للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره العبث أو الكذب وإن أراد أن ذلك معنى لازم لما هو تفسير له كأن يكون تفسيره القائم بمصالحكم ونحوه مما يكون ذلك لازما له ففي رده الاستدلال أيضا تردد، وإن أراد شيئا آخر فنحن لا ندري ما هو- وهو لم يبينه- والحق أنه ولو جعل المولى بمعنى الأولى أو المكان الذي يقال فيه الأولى لا يتم الاستدلال بالخبر على الإمامة التي تدعيها الإمامية للأمير كرم الله تعالى وجهه لما بين في موضعه، وفي التحفة الاثني عشرية ما فيه كفاية لطالب الحق.

وقال ابن عباس أي مصيركم وتحقيقه على ما قال الإمام: إن المولى بمعنى موضع الولي وهو القرب والمعنى هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه، وأنت تعلم أن الاخبار بذلك بعد الاخبار بأنها مأواهم ليس فيه كثير جدوى على أن وضع اسم المكان للموضع الذي يتصف صاحبه بالمأخذ حال كونه فيه والقرب من النار وصف لأولئك قبل الدخول فيها ولا يحسن وصفهم به بعد الدخول ولو اعتبر مجاز الكون كما لا يخفى، وجوز بعضهم اعتبار كونه اسم مكان من الولي بمعنى القرب لكن على أن المعنى هي مكان قربكم من الله سبحانه ورضوانه على التهكم بهم وقيل: أي متوليكم أن المتصرفة فيكم كتصرفكم فيما أوجبها واقتضاها في الدنيا من المعاصي والتصرف استعارة للإحراق والتعذيب، وقيل: مشاكلة تقديرية وَبِئْسَ الْمَصِيرُ أي النار وهي المخصوص بالذم المحذوف لدلالة السياق أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ استئناف لعتاب المؤمنين على الفتور والتكاسل فيما ندبوا اليه والمعاتب على ما قاله الزجاج طائفة من المؤمنين وإلا فمنهم من لم يزل خاشعا منذ أسلم إلى أن ذهب إلى ربه، وما نقل عن الكلبي ومقاتل أن الآية نزلت في المنافقين فهم المراد بالذين آمنوا مما لا يكاد يصح، وقد سمعت صدر السورة الكريمة ما روي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.

وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وابن المنذر والأعمش قال: لما قدم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة فأصابوا من لين العيش ما أصابوا بعد ما كان لهم من الجهد فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه فعوتبوا فنزلت أَلَمْ يَأْنِ الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: إن الله تعالى استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن فقال سبحانه: أَلَمْ يَأْنِ الآية، وفي خبر ابن مردويه عن أنس بعد سبع عشرة سنة من نزول القرآن.

وأخرج عن عائشة قالت: خرج رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم على نفر من أصحابه في المسجد وهم يضحكون فسحب رداءه محمرا وجهه فقال: أتضحكون ولم يأتكم من ربكم بأنه قد غفر لكم وقد نزل علي في ضحككم آية أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ إلخ؟ قالوا: يا رسول الله فما كفارة ذلك؟ قال: تبكون بقدر ما ضحكتم

، وفي الخبر أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام قد ظهر فيهم المزاح والضحك فنزلت، وحديث مسلم ومن معه السابق مقدم على هذه الآثار على ما يقتضيه كلام أهل الحديث، ويَأْنِ مضارع أنى الأمر أنيا وأناء وإناء بالكسر إذا جاء أناه أي وقته، أي ألم يجىء وقت أن تخشع قلوبهم لذكره عز وجل.

وقرأ الحسن وأبو السمال- ألما- بالهمزة، ولما النافية الجازمة كلم إلا أن فيه أن المنفي متوقع.

وقرأ الحسن يئن مضارع آن أينا بمعنى أني السابق، وقال أبو العباس: قال قوم: إن يئين أينا الهمزة مقلوبة فيه عن الحاء وأصله حان يحين حينا وأصل الكلمة من الحين وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ أي القرآن وهو عطف على ذكر الله فإن كان هو المراد به أيضا فالعطف لتغاير العنوانين نحو:

هو الملك القرم وابن الهمام فإنه ذكر وموعظة كما أنه حق نازل من السماء وإلا بأن كان المراد به تذكير الله تعالى إياهم فالعطف لتغاير

<<  <  ج: ص:  >  >>