للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواية أخرى- تظهرا- بتشديد الظاء والهاء دون ألف، والمعنى فإن تتعاونا عليه صلى الله تعالى عليه وسلم بما يسوؤه من الإفراط في الغيرة وإفشاء سره.

فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ أي ناصره والوقف على ما في البحر وغيره هنا أحسن، وجعلوا قوله تعالى: وَجِبْرِيلُ مبتدأ، وقوله سبحانه: وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ معطوفا عليه، وقوله عز وجل: بَعْدَ ذلِكَ أي بعد نصرة الله تعالى متعلقا بقوله جل شأنه: ظَهِيرٌ وجعلوه الخبر عن الجميع، وهو بمعنى الجمع أي مظاهرون، واختير الإفراد لجعلهم كشيء واحد، وجوز أن يكون خبرا عن جِبْرِيلُ وخبره ما بعده مقدر نظير ما قالوا في قوله:

ومن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني وقيار بها لغريب

وجوز أن يكون الوقف على جِبْرِيلُ أي وَجِبْرِيلُ مولاه وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ مبتدأ، وما بعده معطوف عليه، والخبر ظَهِيرٌ، وظاهر كلام الكشاف اختيار الوقف على الْمُؤْمِنِينَ فظهير خبر الملائكة، وعليه غالب مختصريه، وظاهر كلامهم التقدير لكل من جبريل وصالح المؤمنين خبرا وهو إما لفظ مولى مرادا به مع كل معنى من معانيه المناسبة أي وَجِبْرِيلُ مولاه أي قرينه وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ مولاه أي تابعه، أو لفظ آخر بذلك المعنى المناسب وهو قرينه في الأول وتابعه في تابعه، ولا مانع من أن يكون المولى في الجمع بمعنى الناصر كما لا يخفى، وزيادة هُوَ على ما في الكشاف للإيذان بأن نصرته تعالى عزيمة من عزائمه وأنه عز وجل متولي ذلك بذاته تعالى، وهو تصريح بأن الضمير ليس من الفصل في شيء، وأنه للتقوي لا للحصر، والحصر أكثري في المعرفتين على ما نقله في الإيضاح، وإن كان كلام السكاكي موهما الوجوب وهذا والمبالغة محققة على ما نص عليه سيبويه وحقق في الأصول، وأما الحصر فليس من مقتضى اللفظ فلا يرد أن الأولى أن يكون وَجِبْرِيلُ وما بعده مخبرا عنه- بظهير- وإن سلم فلا ينافيه لأن نصرتهم نصرته تعالى فليس من الممتنع على نحو زيد المنطلق وعمرو، كذا في الكشف، ووجه تخصيص جبريل عليه السلام بالذكر مزيد فضله بل هو رأس الكروبيين، والمراد بالصالح عند كثير الجنس الشامل للقليل والكثير، وأريد به الجمع هنا، ومثله قولك: كنت في السامر والحاضر، ولذا عم بالإضافة، وجوز أن يكون اللفظ جميعا، وكان القياس أن يكتب- وصالحوا- بالواو إلا أنها حذفت خطا تبعا لحذفها لفظا، وقد جاءت أشياء في المصحف تبع فيها حكم اللفظ دون وضع الخط نحو- وَيَدْعُ الْإِنْسانُ [الإسراء: ١١] ويَدْعُ الدَّاعِ [القمر: ٦] وسَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ [العلق: ١٨] وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ [ص:

٢١]- إلى غير ذلك، وذهب غير واحد إلى أن الإضافة للعهد فقيل: المراد به الأنبياء عليهم السلام.

وروي عن ابن زيد وقتادة والعلاء بن زياد، ومظاهرتهم له قيل: تضمن كلامهم ذم المتظاهرين على نبي من الأنبياء عليهم السلام وفيه من الخفاء ما فيه وقيل: علي كرم الله تعالى وجهه، وأخرجه ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس،

وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس قالت، سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ علي بن أبي طالب

وروى الإمامية عن أبي جعفر أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حين نزلت أخذ بيد علي كرم الله تعالى وجهه فقال: يا أيها الناس هذا صالح المؤمنين.

وأخرج ابن عساكر عن الحسن البصري أنه قال: هو عمر بن الخطاب، وأخرج هو وجماعة عن سعيد بن جبير قال: وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ نزل في عمر بن الخطاب خاصة، وأخرج ابن عساكر عن مقاتل بن سليمان أنه قال:

وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ أبو بكر وعمر وعلي رضي الله تعالى عنهم، وقيل: الخلفاء الأربعة.

وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عمر وابن عباس قالا: نزلت وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ في أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>