لما هو في كلمتين بالكلمة الواحدة فإنه يقال في قمع: قمع. وفي نطع، نطع وقال: إنه أولى من كونه للعطف على محل عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ، واختاره الزمخشري كأنه قيل: توبوا يرج تكفير أو يوجب تكفير سيئاتكم ويدخلكم يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ ظرف- ليدخلكم- وتعريف النَّبِيَّ للعهد، والمراد به سيد الأنبياء محمد صلّى الله تعالى عليه وسلم، والمراد بنفي الإخزاء إثبات أنواع الكرامة والعز.
وفي القاموس يقال: أخزى الله تعالى فلانا فضحه، وقال الراغب: يقال: خزي الرجل لحقه انكسار إما من نفسه وهو الحياء المفرط ومصدره الخزاية. وإما من غيره وهو ضرب من الاستخفاف، ومصدره الخزي، ويَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ هو من الخزي أقرب، ويجوز أن يكون منهما جميعا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ عطف عليه الصلاة والسلام، وفيه تعريض بمن أخزاهم الله تعالى من أهل الكفر والفسوق، واستحماد على المؤمنين على أن عصمهم من مثل حالهم، والمراد بالإيمان هنا فرده الكامل على ما ذكره الخفاجي، وقوله تعالى: نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ أي على الصراط كما قيل، ومر الكلام فيه جملة مستأنفة، وكذا قوله سبحانه: يَقُولُونَ إلخ، وجوز أن تكون الجملتان في موضع الحال من الموصول، وأن تكون الأولى حالا منه. والثانية حالا من الضمير في يَسْعى، وأن تكون الأولى مستأنفة. والثانية من الضمير، وأن تكون الأولى حالا من الموصول. والثاني مستأنفة أو حالا من الضمير، وجوز أن يكون الموصول مبتدأ خبره معه، والجملتان خبران آخران أو مستأنفتان أو حالان من الموصول، أو الأولى حال منه والثانية حال من الضمير، أو الأولى مستأنفة والثانية حال من الضمير، أو الأولى حال والثانية مستأنفة، أو الأولى خبر بعد خبر والثانية حال من الضمير أو مستأنفة، وجوز أن يكون الموصول مبتدأ خبره قوله تعالى: نُورُهُمْ يَسْعى إلخ، والجملة الأخرى مستأنفة أو حال أو خبر بعد خبر فهذه عدة احتمالات لا يخفى ما هو الأظهر منها.
والقول على ما روي عن ابن عباس والحسن: يكون إذا طفىء نور المنافقين أي يقولون إذا طفىء نور المنافقين رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وفي رواية أخرى عن الحسن يدعون تقربا إلى الله تعالى مع تمام نورهم، وقيل: يقول ذلك من يمر على الصراط زحفا وحبوا.
وقيل: من يعطي من النور بقدر ما يبصر به موضع قدمه، ويعلم منه عدم تعين حمل الإيمان على فرده الكامل كما سمعت عن الخفاجي، وقرأ سهل بن شعيب السهمي وأبو حيوة «وبإيمانهم» بكسر الهمزة على أنه مصدر معطوف على الظرف أي كائنا بين أيديهم وكائنا بسبب إيمانهم يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ بالسيف وَالْمُنافِقِينَ بالحجة وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ واستعمل الخشونة على الفريقين فيما تجاهدهم به إذا بلغ الرفق مداه.
وعن الحسن أكثر ما كان يصيب الحدود في ذلك الزمان المنافقين فأمر عليه الصلاة والسلام أن يغلظ عليهم في إقامة الحدود،
وحكى الطبرسي عن الباقر أنه قرأ- جاهد الكفار بالمنافقين
- وأظن ذلك من كذب الإمامية عاملهم الله تعالى بعدله وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ أي وسيرون فيها عذابا غليظا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ أي جهنم أو مأواهم، والعطف قيل: من عطف القصة على القصة ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا ضرب المثل في مثل هذا الموقع عبارة عن إيراد حالة غريبة لتعرف بها حالة أخرى مشاكلة لها في الغرابة أي جعل الله تعالى مثلا لحال الكفرة حالا ومآلا على أن مثلا مفعول ثان لضرب واللام متعلقة به، وقوله تعالى: امْرَأَتَ نُوحٍ واسمها قيل: والعة وَامْرَأَتَ لُوطٍ واسمها قيل:
واهلة، وقيل: والهة، وعن مقاتل اسم امرأة نوح والهة. واسم امرأة لوط والعة مفعوله الأول، وأخر عنه ليتصل به ما هو شرح وتفسير لحالهما، ويتضح بذلك حال الكفرة، والمراد ضرب الله تعالى مثلا لحال أولئك حال امْرَأَتَ إلخ،