للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسيرها بالفضائل والنعم وروى نحوه ابن المنذر وابن أبي عباس وقيل هي الغرف التي جعلها الله تعالى لأوليائه في الجنة والأنسب بما يقتضيه المقام من التهويل ما هو أدل على عزه عزّ وجلّ وعظم ملكوته تعالى شأنه تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ أي جبريل عليه السلام كما ذهب إليه الجمهور أفرد بالذكر لتميزة وفضله بناء على المشهور من أنه عليه السلام أفضل الملائكة. وقيل لمجرد التشريف وإن لم يكن عليه السلام أفضلهم بناء على ما قيل من أن إسرافيل عليه السلام أفضل منه. وقال مجاهد الرُّوحُ ملائكة حفظة للملائكة الحافظين لبني آدم لا تراهم الحفظة كما لا نرى نحن حفظتنا. وقيل خلق هم حفظة الملائكة مطلقا كما أن الملائكة حفظة الناس وقيل ملك عظيم الحلقة يقوم وحدة يوم القيامة صفا ويقوم الملائكة كلهم صفا وقال أبو صالح خلق كهيئة الناس وليسوا بالناس. وقال قبيصة بن ذؤيب: روح الميت حين تقبض ولعله أراد الميت المؤمن وقرأ عبد الله والكسائي وابن مقسم وزائدة عن الأعمش «يعرج» بالياء التحتية إِلَيْهِ قيل أي إلى عرشه تعالى وحيث يهبط منه أو أمره سبحانه وقيل هو من قبيل قول إبراهيم عليه السلام إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي [الصافات: ٩٩] أي إلى حيث أمرني عزّ وجلّ به. وقيل المراد إلى محل بره وكرامته جل وعلا على أن الكلام على حذف مضاف وقيل إلى المكان المنتهى إليه الدال عليه السياق وفسر بمحل الملائكة عليهم السلام من السماء ومعظم السلف يعدون ذلك من المتشابه مع تنزيهه عزّ وجلّ عن المكان والجسمية واللوازم التي لا تليق بشأن الالوهية وقوله تعالى فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ أي من سنينكم الظاهر تعلقه بتعرج، واليوم بمعنى الوقت والمراد به مقدار ما يقوم الناس فيه لرب العالمين إلى أن يستقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار من اليوم الآخر والذي لا نهاية له.

ويشير إلى هذا ما

أخرج الإمام أحمد وابن حبان وأبو يعلى وابن جرير والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ما أطول هذا اليوم فقال عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أهون عليه من الصلاة مكتوبة يصليها في الدنيا» .

واختلف في المراد بهذا التقدير على هذا الوجه فقيل الإشارة إلى استطالة ذلك اليوم لشدته لا أنه بهذا المقدار من العدد حقيقة وروي هذا عن ابن عباس والعرب تصف أوقات الشدة والحزن بالطول وأوقات الرخاء والفرح بالقصر ومن ذلك قول الشاعر:

من قصر الليل إذا زرتني ... أشكو وتشكين من الطول

وقوله:

ليلي وليلى نفى نومي اختلافهما ... بالطول والطول يا طوبى لو اعتدلا

يجود بالطول ليلي كلما بخلت ... بالطول ليلى وإن جادت به بخلا

وقوله:

ويوم كظل الرمح قصر طوله ... دم الزق عنا واصطفاق المزاهر

إلى ما لا يكاد يحصى

وفي قوله عليه الصلاة والسلام في الخبر السابق «إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أهون عليه من صلاة مكتوبة»

إشارة إلى هذا وكذا ما

روي عن عبد الله بن عمر من قوله: «يوضع للمؤمنين يومئذ كراسي من ذهب ويظلل عليهم الغمام ويقصر عليهم ذلك اليوم ويهون حتى يكون كيوم من أيامكم هذه»

ولينظر على هذا القول ما حكمة التنصيص على العدد المذكور وقيل هو على ظاهره وحقيقته وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>