للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل سادة مسد مفعولي ظنوا وجوز أن تكون سادة مسد مفعولي ظننتم ويكون الساد مسد مفعولي الأول محذوفا كما هو المختار في أمثال ذلك ورجح الأول في الآية بأن ظَنُّوا هو المقصود فيها فجعل المعمول المذكور له أحسن وأما كَما ظَنَنْتُمْ فمذكور بالتبع ومنه يعلم أن كون المختار أعمال الثاني في باب التنازع ليس على إطلاقه وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ أي طلبنا بلوغها لاستماع كلام أهلها أو طلبنا خبرها. واللمس قيل مستعار من المس للطلب كالجس يقول لمسه والتمسه وتلمسه كطلبه وأطلبه وتطلبه. والظاهر أن الاستعارة هنا لغوية لأنه مجاز مرسل لاستعماله في لازم معناه والسماع على ظاهرها فَوَجَدْناها أي صادفناها وأصبناها فوجد متعد لواحد وقوله تعالى مُلِئَتْ في موضع الحال بتقدير قد أو بدونه وإن كانت وجد من أفعال القلوب فهذه الجملة في موضع المفعول الثاني وقرأ الأعرج «مليت» بالياء دون همز حَرَساً أي حرسا اسم جمع كخدم كما ذهب إليه جمع لأنه على وزن يغلب في المفردات كبصر وقمر ولذا نسب إليه فقيل حرسي وذهب بعض إلى أنه جمع والصحيح الأول ولذا وصف بالمفرد فقيل شَدِيداً أي قويا ونحوه قوله:

ننيته بعصبة من ماليا ... أخشى رجيلا وركيبا عاديا

ولو روعي معناه جمع بأن يقال شدادا إلّا أن ينظر لظاهر وزن فعيل فإنه يستوي فيه الواحد والجمع والمراد بالحرس الملائكة عليهم السلام الذين يمنعونهم عن قرب السماء وَشُهُباً جمع شهاب وقد مر الكلام فيه وجوز بعضهم أن يكون المراد بالحرس الشهب والعطف مثله في قوله:

وهند أتى من دونها النأي والبعد وهو خلاف الظاهر ودخول أَنَّا لَمَسْنَا إلخ في حيز الإيمان وكذا أكثر الجمل الآتية في غاية الخفاء والظاهر تقدير نحو نخبركم فيما لا يظهر دخوله في ذلك أو تأويل (آمنا) من أول الأمر بما ينسحب على الجميع وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ قبل هذا مِنْها أي من السماء مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ أي مقاعد كائنة للسمع خالية عن الحرس والشهب أو صالحة للترصد والاستماع ولِلسَّمْعِ متعلق بنقعد أي لأجل السمع أو بمضمر هو صفة لمقاعد وكيفية قعودهم على ما قيل ركوب بعضهم فوق بعض وروي في ذلك خبر مرفوع وقيل لا مانع من أن يكون بعروج من شاء منهم بنفسه إلى حيث يسمع منه الكلام فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ قال في شرح التسهيل الْآنَ معناه هنا القرب مجازا فيصح مع الماضي والمستقبل وفي البحر أنه ظرف زمان للحال ويَسْتَمِعِ مستقبل فاتسع في الظرف واستعمل للاستقبال كما قال:

سأسعى الآن إذ بلغت أناها فالمعنى فمن يقع منه استماع في الزمان الآتي يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً أي يجد شهابا راصدا له ولأجله يصده عن الاستماع بالرجم فرصد صفة شِهاباً فإن كان مفردا فالأمر ظاهر وإن كان اسم جمع للراصد كحرس فوصف المفرد به لأن الشهاب لشدة منعه وإحراقه جعل كأنه شهب ونظير ذلك وصف المعا وهو واحد الأمعاء بجياع في قول القتامي:

كأن قيود رجلي حين ضمت ... حوالب غرزاو معا جياعا

وجوز كونه مفعولا له أي لأجل الرصد وقيل يجوز أن يكون اسم جمع صفة لما قبله بتقدير ذوي شهاب فكأنه قيل يجد له ذوي شهاب راصدين بالرجم وهم الملائكة عليهم السلام الذي يرجمونهم بالشهب ويمنعونهم من الاستماع وفيه بعد. وفي الآية رد على من زعم أن الرجم حدث بعد مبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>