ولكن للغنى رب غفور أي غنى رب غفور وقال ابن عطية: قرأ اليماني بالإضافة على أن يكون المجيد هو الله تعالى وهو محتمل للتقدير وعدمه، وجوز أن يكون من إضافة الموصوف لصفته قال أبو حيان: وهذا أولى لتوافق القراءتين فِي لَوْحٍ أي كائن في لوح مَحْفُوظٍ أي ذلك اللوح من وصول الشياطين إليه وهذا هو اللوح المحفوظ المشهور وهو على ما روي عن ابن عباس والعهدة على الراوي لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض، وعرضه ما بين المشرق والمغرب، وحافتاه الدر والياقوت، ودفتاه ياقوتة حمراء، وقلمه نور وهو معقود بالعرش، وأصله في حجر مالك يقال له ساطريون لله عز وجل فيه في كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة يحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء، وأنه كتب في صدره لا إله إلّا الله وحده لا شريك له دينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله، فمن آمن بالله عز وجل وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة. وقال مقاتل: إن اللوح المحفوظ عن يمين العرش وجاء فيه إخبار غير ذلك ونحن نؤمن به ولا يلزمنا البحث عن ماهيته وكيفية كتابته ونحو ذلك. نعم نقول إن ما يزعمه بعض الناس من أنه جوهر مجرد ليس في حيّز وإنه كالمرآة للصور العليّة مخالف لظواهر الشريعة وليس له مستند من كتاب ولا سنة أصلا. وقرأ ابن يعمر وابن السميفع «لوح» بضم اللام، وأصله في اللغة الهواء والمراد به هنا مجازا ما فوق السماء السابعة. وقرأ الأعرج وزيد بن علي وابن محيصن ونافع بخلاف عنه «محفوظ» بالرفع على أنه صفة لقرآن وفِي لَوْحٍ قيل متعلق به، وقيل صفة أخرى لقرآن.
وتعقب بأن فيه تقديم الصفة المركبة على المفردة وهو خلاف الأصل والمعنى عليه قيل محفوظ بعد التنزيل من التغيير والتبديل والزيادة والنقص كما قال سبحانه إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩] وقيل محفوظ في ذلك اللوح عن وصول الشياطين إليه والله تعالى أعلم.