لا لاغية، ويجوز أن تكون صفة نفس محذوفة أي لا تسمع فيها نفسا لاغية وجعلها مسموعة لوصفها بما يسمع كما تقول: سمعت زيدا يقول كذا، وجوز أن يكون ذلك على المجاز في الإسناد أيضا. وقرأ الأعرج وأهل مكة والمدينة ونافع وابن كثير وأبو عمرو بخلاف عنهم «لا تسمع» بتاء التأنيث مبنيا للمفعول «لاغية» بالرفع وابن محيصن وعيسى وابن كثير وأبو عمرو كذلك إلّا أنهم قرؤوا بالياء التحتية لأن التأنيث مجازي مع وجود الفاصل والجحدري كذلك إلّا أنه نصب «لاغية» على معنى لا يسمع فيها أي أحد لاغية من قولك أسمعت زيدا فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ قيل يجري ماؤها ولا ينقطع وعدم الانقطاع إما من وصف العين لأنها الماء الجاري فوصفها بالجريان يدل على المبالغة كما في ناراً حامِيَةً وإما من اسم الفاعل فإنه للاستمرار بقرينة المقام والتنكير للتعظيم واختار الزمخشري كونه للتكثير كما في عَلِمَتْ نَفْسٌ [التكوير: ١٤، الانفطار: ٥] أي عيون كثيرة تجري مياهها فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ رفيعة السمك أو المقدار وقيل مخبوءة من رفعت لك كذا أي خبأته وَأَكْوابٌ وقداح لا عرا لها مَوْضُوعَةٌ أي بين أيديهم وقيل على حافات العيون وجوز أن يراد موضوعة عن حد الكبار أوساط بين الصغر والكبر كقوله تعالى قَدَّرُوها تَقْدِيراً [الإنسان: ١٦] ولا يخفى بعده وَنَمارِقُ ووسائد قال زهير:
كهولا وشبانا حسانا وجوههم ... على سرر مصفوفة ونمارق
جمع نمرقة بضم النون والراء وبكسرهما وفتحهما وبغير هاء مَصْفُوفَةٌ صف بعضها إلى جنب بعض للاستناد إليها والاتكاء عليها. وقال الكلبي: وسائد موضوعة بعضها إلى جنب بعض كالشيء الذي جعل صفا أينما أراد أن يجلس المؤمن جلس على واحدة واستند إلى أخرى وعلى رأسه وصائف كأنهن الياقوت والمرجان وَزَرابِيُّ وبسط فاخرة كما قال غير واحد وقال الفرّاء: هي الطنافس التي لها خمل رقيق. وقال الراغب: إنها في الأصل ثياب محبرة منسوبة إلى موضع ثم استعيرت للبسط واحدها زربية مثلثة الزاي ولم يفرق في الصحاح بين الزرابي والنمارق، والظاهر الفرق. نعم قيل قد جاء نمارق بمعنى الزرابي ومنه:
نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق
لظهور أن الوسائد لا يمشى عليها عادة مَبْثُوثَةٌ مبسوطة أو مفرقة في المجالس أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ استئناف مسوق لتقرير ما فصل من حديث الغاشية وما هو مبني عليه من البعث الذي هم فيه مختلفون بالاستشهاد عليه بما لا يستطيعون إنكاره. وأخرج عبد بن حميد وغيره عن قتادة قال: لما نعت الله تعالى ما في الجنة عجب من ذلك أهل الضلالة فأنزل سبحانه وتعالى أَفَلا يَنْظُرُونَ إلخ ويرجع هذا في الآخرة إلى إنكار. البعث كما لا يخفى والهمزة للإنكار والتوبيخ والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام، وكلمة كَيْفَ منصوبة بما بعدها على أنها حال من مرفوع خُلِقَتْ كما في قوله تعالى كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ [البقرة: ٢٨] معلقة لفعل النظر والجملة بدل اشتمال من الإبل وقد تبدل الجملة وفيها الاستفهام من الاسم الذي قبلها كقولهم عرفت زيدا أبو من هو على أصح الأقوال على أن العرب قد أدخلت إلى على كيف بلا واسطة إبدال كما أدخلت عليها على فحكي عنهم أنهم قالوا: انظر إلى كيف يصنع كما حكي عنهم أنهم قالوا على كيف تبيع الأحمرين. وذكر أبو حيان في البحر والتذكرة وغيرهما أنه إذا علق الفعل عما فيه الاستفهام لم يبق الاستفهام على حقيقته. وقيل كيف بدل من الإبل وتعقبه في المغني بما في بعضه نظر، وجوز في مجمع البيان كونها في موضع نصب على المصدر وهو كما ترى والإبل يقع على البعران الكثيرة ولا واحد له من