مكية. نعم حكم الآية عام فإن كان ما حكي عن أمية واقعا فحكمها شامل له والصلاة التي أشارت إليها الآية كانت على ما حكى أبو حيان صلاة الظهر، وحكى أيضا أنها كانت تصلى جماعة وهي أول جماعة أقيمت في الإسلام وأنه كان معه عليه الصلاة والسلام أبو بكر وعلي رضي الله تعالى عنهما فمر أبو طالب ومعه ابنه جعفر فقال له: يا بني صل جناح ابن عمك، وانصرف مسرورا وأنشأ يقول:
إن عليا وجعفرا ثقتي ... عند ملم الزمان والكرب
والله لا أخذل النبي ولا ... يخذله من يكون من حسبي
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما ... أخي لأمي من بينهم وأبي
وفي هذا نظر لأن الصلاة فرضت ليلة الإسراء بلا خلاف، وادعى ابن حزم الإجماع على أنه كان قبل الهجرة بسنة، وجزم ابن فارس بأنه كان قبلها بسنة وثلاثة أشهر، وقال السدي بسنة وخمسة أشهر، وموت أبي طالب كان قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين لأنه كان قبل وفاة خديجة بثلاثة وقيل بخمسة أيام، وكانت وفاتها بعد البعثة بعشر سنين على الصحيح، فأبو طالب على هذا لم يدرك فرضية الصلاة. نعم حكى القاضي عياض عن الزهري ورجحه النووي والقرطبي أن الإسراء كان بعد البعث بخمس سنين لكن قيل عليه ما قيل فليراجع.
والنهي قيل بمعنى المنع وعبر به إشارة إلى عدم اقتدار اللعين على غير ذلك. وفي بعض الأخبار ما ظاهره أنه حصل منه نهي لفظي، فقد أخرج أحمد والترمذي وصححه وغيرهما عن ابن عباس قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلم يصلي فجاء أبو جهل فقال: ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا الحديث والتعبير بما يفيد الاستقبال لاستحضار الصورة الماضية لنوع غرابة والرؤية قيل قلبية وكذا في قوله تعالى أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى وقوله عز وجل: أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى والمفعول الأول للأول الموصول وللثاني والثالث محذوف وهو ضمير يعود عليه أو اسم إشارة يشار به إليه، والمفعول الثاني للثالث قوله سبحانه أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى والأولان متوجهان إليه أيضا وهو مقدر عندهما، وترك إظهاره اختصارا ونظير ذلك أخبرني عن زيد إن وفدت عليه، أخبرني عنه إن استخبرته، أخبرني عنه إن توسلت إليه أما يوجب حقي وليس ذلك من التنازع لأن الجمل لا يصح إضمارها وإنما هو من الطلب المعنوي والحذف في غير التنازع، وجواب الشرط في الجملتين محذوف لدلالة ألم يعلم عليه ويقدر حسبما تقتضيه الصناعة، وقيل يدل عليه أَرَأَيْتَ مرادا به ما سيذكر قريبا إن شاء الله تعالى ويقدر كذلك، والكلام عليه أيضا نظير ما مر آنفا، والضمائر المستترة في كان وما بعد من الأفعال للناهي والمراد من أَرَأَيْتَ أخبرني فإن الرؤية لما كانت سببا للعلم أجرى الاستفهام عنها مجرى الاستخبار عن متعلقها والاستفهام الواقع موقع المفعول الثاني هو متعلق الاستخبار هنا وهذا الإجراء على ما يفهم من كلام بعض الأئمة يكون مع الرؤية البصرية والرؤية القلبية وللنحاة فيه قولان، والخطاب في الكل على ما اختاره جمع لكل من يصلح أن يكون مخاطبا ممن له مسكة وقيل للإنسان كالخطاب في إِلى رَبِّكَ
وتنوين عَبْداً على ما هو ظاهر كلام البعض للتنكير، وتقييد النهي بالظرف يشعر بأن النهي عن الصلاة حال التلبس بها وفصل بين الجمل للاعتناء بأمر التشنيع والوعيد حيث أشعر أن كل جملة مقصودة على حيالها فشنع سبحانه على الناهي أولا بنهيه عن الصلاة، وأوعد عليه مطلقا بقوله تعالى أَرَأَيْتَ الَّذِي إلخ أي أخبرني يا من له أدنى تمييز أو أيها الإنسان عمن ينهى عن الصلاة بعض عباد الله تعالى ألم يعلم بأن الله تعالى يرى ويطلع فيجازيه على ذلك النهي. وشنع سبحانه عليه ثانيا بنهيه عن ذلك وأوعده عليه أيضا على تقدير أنه على