تفسيرات فيه وعلم اليقين بما أعطاه الدليل من إدراك الشيء على ما هو عليه، وعين اليقين بما أعطاه المشاهدة والكشف وجعل وراء ذلك حق اليقين وقال على سبيل التمثيل علم كل عاقل بالموت علم اليقين وإذا عاين الملائكة عليهم السلام فهو عين اليقين وإذا ذاق الموت فهو حق اليقين ولهم غير ذلك ومبنى أكثر ما قالوه على الاصطلاح فلا تغفل. وقرأ ابن عامر والكسائي «لترون» بضم التاء وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وابن كثير في رواية وعاصم كذلك بفتحها في «لترون» وضمها في «لترونها» ومجاهد وأشهب وابن أبي عبلة بضمها فيهما. وروي عن الحسن وأبي عمرو بخلاف عنهما أنهما همزا الواوين ووجه بأنهم استثقلوا الضمة على الواو فهمزوا للتخفيف كما همزوا في وقت وكان القياس ترك الهمز لأن الضمة حركة عارضة لالتقاء الساكنين فلا يعتد بها لكن لما لزمت الكلمة بحيث لا تزول أشبهت الحركة الأصلية فهمزوا وقد همزوا من الحركة العارضة التي تزول في الوقف نحو «اشترؤا الضلالة» فالهمز من هذه أولى.
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قيل الخطاب للكفار وحكي ذلك عن الحسن ومقاتل واختاره الطيبي.
والنَّعِيمِ عام لكل ما يتلذذ به من مطعم ومشرب ومفرش ومركب وكذا قيل في الخطابات السابقة. وقد روي عن ابن عباس أنه صرح بأن الخطاب في لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ للمشركين، وحملوا الرؤية عليه على رؤية الدخول وحملوا السؤال هنا على سؤال التقريع والتوبيخ لما أنهم لم يشركوا ذلك بالإيمان به عز وجل، والسؤال قيل: يجوز أن يكون بعد رؤية الجحيم ودخولها كما يسألون كذلك عن أشياء أخر على ما يؤذن به قوله تعالى كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ [الملك: ٨] وقوله سبحانه ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ [المدثر: ٤٢] وذلك لأنه إذ ذاك أشد إيلاما وادعى للاعتراف بالتقصير، فثم على ظاهرها وأن يكون في موقف الحساب قبل الدخول فتكون ثُمَّ للترتيب الذكري وقيل الخطاب مخصوص بكل من ألهاه دنياه عن دينه، والنعيم مخصوص بما شغله عن ذلك لظهور أن الخطاب في أَلْهاكُمُ إلخ للملهين فيكون قرينة على ما ذكر وللنصوص الكثيرة كقوله تعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ [الأعراف: ٣٢] وكُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ [المؤمنون: ٥١] وهذا أيضا يحمل السؤال على سؤال التوبيخ ويدخل فيما ذكر الكفار وفسقة المؤمنين. وقيل:
الخطاب عام وكذا السؤال يعم سؤال التوبيخ وغيره، والنعيم خاص واختلف فيه على أقوال.
فأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن مسعود مرفوعا: «هو الأمن والصحة
وأخرج البيهقي عن الأمير علي كرم الله تعالى وجهه قال: النعيم العافية
.
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء مرفوعا: أكل خبز البر والنوم في الظل وشرب ماء الفرات مبردا»
.
وأخرج ابن جرير عن ثابت البناني مرفوعا «النعيم المسئول عنه يوم القيامة كسرة تقوته وماء يرويه وثوب يواريه»
.
وأخرج الخطيب عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يفسره قال: «الخصاف والماء وفلق الكسر»
وروي عنه وعن جابر أنه ملاذ المأكول والمشروب. وقال الحسين بن الفضل:
هو تخفيف الشرائع وتيسير القرآن.
ويروى عن جابر الجعفي من الإمامية قال: دخلت على الباقر رضي الله تعالى عنه فقال: ما يقول أرباب التأويل في قوله تعالى لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ؟ فقلت: يقولون الظل والماء البارد. فقال: لو أنك أدخلت بيتك أحدا وأقعدته في ظل وسقيته أتمن عليه؟ قلت: لا. فقال: فالله تعالى أكرم من أن يطعم عبده ويسقيه ثم يسأله عنه. قلت: ما تأويله قال: النعيم هو رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنعم الله تعالى به على أهل العالم فاستنقذهم به من الضلالة، أما سمعت قوله تعالى لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا [آل عمران: ١٦٤]
ومن رواية العياشي من الإمامية أيضا أن أبا عبد الله رضي الله تعالى عنه قال لأبي